علي عبد سلمان
حينما نرجع عدة سنوات الى الوراء، أيام كان نظام القيح الصدامي يعتلي ظهور العراقيين، كان بينهم من رفض أن يمتطى ظهره، وابى إلا أن يقارع البعث بكل جبروته، هؤلاء أباة الضيم، كانوا الثلة المجاهدة التي قارعت نظام صدام بلا هوادة، وأثبتت للعالم أن العراقيين لا يستكينون لظلم، ولا يمكن تسجيلهم ضمن الشعوب الخانعة..
لقد قدم هؤلاء الأشاوس؛ قوافل طويلة على طريق حرية وإنعتاق العرق، ومخطيء تماما من يتصور او يريوج؛ الى أن نظام القهر قد ازالته، طائرات ودبابات وبوارج الأمريكان، فهم لم يكن لهم ليأتوا الى هنا كمحتلين، لولا أن التفاحة كانت توشك على السقوط!
إن العراقيين ومنذ فجر الخليقة، لم يسجل عليهم أنهم قبلوا بأن يحكمهم غازي، كما لم يسجل عليهم أنهم قبلوا بحكم طاغية أو دكتاتور يظهر من بينهم/ وسجلات التاريخ حافلة بثوراتهم على الطغاة.
الحشد الشعبي هو الإمتداد الطبيعي للذين قارعوا نظام صدام، وهم أوائل من تقدموا الصفوف، ملبين نداء الوطن، الذي أطلقته المرجعية الدينية المباركة، بدعوتها الى الجهاد الكفائي، دفاعا عن حياض الوطن، وها هي قوافل شهدائهم في سوح الوغى، تحث الخطى نحو وادي السلام في النجف الأشرف، متزاحمة لتنعم بربيع الشهادة!
لقد كان الهدف وما يزال، أبعد من إقامة نظام حكم متشدد، بل هو بناء دولة قرو اوسطية سنية، في المنطقة الممتدة على باديتي العراق الشام، تجعل السكان السنة، عبيد خولا يبايعون الحاكم، بيعة اسلافهم ليزيد ابن معاوية، يضع الأطواق برقابهم.
لقد استطاع الحشد الشعبي وخلال فترة وجيزة، أن يلملم شتات الوطن، بعد ان حاول بقايا البعث المتحالفين مع السلفية الوهابية التكفيرية تمزيقه، بعد أن أحتلوا مناطق شاسعة منه، بدعم واضح معروف، من قبل دول الشر العربي، متمثلة بمهلكة ىل سعود، وطبعا أصابع الأمريكان كانت في مؤخرات هؤلاء، تحركهم كدمى كيفما تشاء!.
لقد أحبط الحشد الشعبي المخطط الكبير، لتمزيق بلدين عميقين بالتاريخ، الى دويلات صغيرة، لا يكون لها اثر في لعبة الأمم، يسهل ترويض شعبيهما، بعد أن كانا شوكة في عيون الصهيونية، سيما بعد أن تعزز دوري العراق وسوريا، بتغيير نظام صدام أولا، وبوجود الجمهورية الإسلامية في إيران كداعم كبير ثانيا، وبقوة حزب الله والمقاومة الإسلامية ثالثا.
الحشد الشعبي اليوم جيش رديف للجيش العراقي، يعتمد على شجاعة رجاله، بخبرتهم القتالية العريقة، وببسالتهم وفدائيتهم منقطعة النظير، وهو جيش العراق بكل ما تحمل الكلمة من معنى، يعزز هذا أن الحشد بات تشكيلا وطنيا رسميا، وجزء من القوات المسلحة العراقية، وليس لأحد ان يقول غير ذلك، فهو يحمل كافة المقومات الشرعية والقانونية، التي ترسمن وجوده المبارك.
التآمر على الحشد الشعبي، ومحاولات الإساءة له؛ لم تنقطع منذ لحظة تشكيله، لأن أعداء العراق الواحد الموحد؛ يعلمون ان رجال الحشد سيقفون بثبات ضد محاولات تقسيم العراق..ورجال الحشد باقون في مواقع العز والكرامة، برغم حرب التسقيط التي تشن ضدهم.
الإنتماء الوطني للحشد الشعبي تشكيلا ورجالا، ليس موضع تفسير او تأويل ، فقد سطر ابطاله اروع الملاحم، وحققوا أنتصارات جعلت العدو قبل الصديق يعترف بها، وهي بطولات لا يمكن إلا لمناكد أو حاقد أو عدو القفز عليها وعلى نتائجها، ومحاولات الجهات الخارجية والداخلية، بعزل الحشد الشعبي وإجهاض دوره المحوري ستبوء بالفشل حتما..
ابطال الحشد الشعبي دافعوا ببسالة عن إخوتهم وشركائهم في الوطن، وأعادوا الكرامة المهدورة لأهلنا في ديالى تكريت وبيجي وكركوك، والفلوجة والرمادي والموصل.
الحشد الشعبي لن يكون قضية طارئة في حياة العراق والعراقيين، والمحاولات الخارجية المكشوفة للضغط على الحكومة، بتحجيم دور الحشد الشعبي، وإملاء شروطها ، في محاولة خسيسة خصوصاً بعد أن أثارت حفيظتهم الانتصارات التي حققها متطوعو الحشد الشعبي في تحرير العراق من قبضة الدواعش، وعلى الحكومة أن تولي الحشد الإهتمام المطلوب، وأن لا تنصاع لتلك الضغوطات مهما كان مصدرها.
إن على الحكومة أن ترد على الضغوطات والتدخلات بشكل حازم، وأن لا تترك الأمور على غاربها، وأن تعبرالحشد الشعبي خطا أحمرا، وعلى البرلمان أن يتخذ الموقف ذاته، إذ لا يعقل ان يقاتل المقاتلين بظهور مكشوفة!
https://telegram.me/buratha