ضياء المحسن
تشهد منطقة الشرق الأوسط حالة من الإضطراب، بسبب التهديد الأمريكي بوقف الصادرات الإيرانية، وما اعقبه من تصريحات لمسؤولين على اعلى المستويات في الحكومة الإيرانية، بإمكانية إغلاق مضيق هرمز الذي تمر عبره أكثر من 30% من النفط المنتج من دول المنطقة الذي تحتاجه بلدان العالم، وهو الأمر الذي لو تحقق فإننا سنشهد حالة من الركود الإقتصادي العالمي؛ ناهيك عما يترتب عن ذلك من إرتفاع لسعر النفط يتجاوز السعر المتداول حاليا الى الضعفين.
لكن الملاحظ أن سياسة العراق في هذه المرحلة، تتمثل بمحاولة مسك العصا من الوسط، بما تملكه من علاقة بين قطبي المعركة المحتملة (الولايات المتحدة والجمهورية الإيرانية) خاصة مع الأخيرة والتي يمثل العراق بالنسبة لها ممر آمن الى سوريا ولبنان، أما بالنسبة للولايات المتحدة فإن العراق يمثل راس الحربة في محاربة الإرهاب.
الحكومة الحالية تحاول في هذه الأثناء عدم الميل الى جانب على حساب الأخر، ويبدو انها فهمت الدرس الذي يلقيه عليه أساتذة العلاقات، حيث يؤكدون أنه عليك ((أن لا تضع بيضك كله في سلة واحدة))، لما قد يسببه لك من خسارة فيما لو وقعت السلة، وهو الأمر الذي يعني أن العراق يحتفظ بعلاقات جيدة مع جميع دول العالم بما يحفظ سيادة العراق، لذلك نجد أن الحكومة تحاول إيضاح هذا الأمر من خلال زيارات تقوم بها لدول العالم، بغض النظر عن رضى او عدم رضى هذا الطرف او ذاك عن الزيارة.
الملاحظ ان طبول الحرب تقرع في منطقة تعتبر منطقة ملتهبة، من حيث تشابك العلاقات ما بين دولها من جهة، وما بين علاقات دول هذه المنطقة مع دول العالم المختلفة، بما يوحي بوجود نوع من الحرب الباردة بدأنا نشهدها، مع الأخذ بنظر الإعتبار مرور مائة عام على نهاية الحرب العالمية الأولى، والتي نتج عنها تقسيم هذه المنطقة بين الدول التي ربحت الحرب؛ وهو الأمر الذي يوحي بوجود خطة جديدة لبلقنة المنطقة وتقسيمها بحسب نفوذ كل دولة ومصالحها فيها بعيدا عن مصالح دول المنطقة.
قد يقول قائل ان الحرب واقعة لا محالة، وهو امر نشك فيه، خاصة من جانب الولايات المتحدة والتي تفكر بعقل إقتصادي، فأي تعطيل لنفط منطقة الخليج يعني نفاذ الإحتياطي الستراتيجي بمدة قياسية، خاصة مع رؤية التهافت على نفط المنطقة من قبل الدول الصاعدة إقتصاديا (الهند والصين) تحديدا، وهو الأمر الذي لن تستطيع لن تأمين النقص الذي يحصل جراء هذه الحرب، ما يعني أن الأمر لا يعدو أن يكون محاولة لإبراز العضلات، خاصة مع علمنا أن السفن الأمريكية التي تعبر مضيق هرمز (الحربية والمدنية) تستجيب لمطالب الجيش الإيراني وتجيب عن الأسئلة فيما يتعلق بالحمولة و وجهة السفينة، وهو الأمر الذي يعني أن القوات الإيرانية هي الطرف الذي يسيطر على هذا المضيق الستراتيجي، والذي يمر منه 18% من النفط العالمي.
خلاصة الأمر نرى ان الأزمة تتجه الى الحل المصحوب بتنازلات من جميع الأطراف، وسيكون للعراق بصمة واضحة في حل الأزمة من خلال تدخل الحكومة بما تملكه من علاقات جيدة مع طرفي النزاع، بما يعني عودة العراق الى لعب دور مؤثر غاب عنه كثيرا.
https://telegram.me/buratha