شذا الموسوي
وانا اتابع ما حصل بالامس في مدينة النجف الاشرف من اعمال عنف وحرق وقتل وفوضى عارمة، على اثر الصراع الذي احتدم بين السيد مقتدى الصدر ومجموعة من القياديين السابقين في تياره اتهمهم بالفساد، خطر في بالي تساؤل مشروع وهو.. اذا كانت هذه الفوضى التي اودت بالارواح والاموال حصلت نتيجة صراع مجموعة صغيرة او حزب او تيار شعبوي مهما كان تأثيره كبيرا في الشارع، فماذا سيحصل اذا اندلعت الحرب بين الدولتين العظميين اميركا وايران لا سمح الله، ونحن نعلم ان ساحتها الاولى ستكون في العراق؟؟؟
مدينة النجف الاشرف التي تشرفت بمرقد امير المؤمنين علي بن ابي طالب،و مركز الحوزة العلمية الاولى في العالم، وحاضنة المرجعية الدينية الاكبر، وحاضرة الادب والعلم طوال قرون، تسقط في دقائق بيد مجموعة غاضبة منفلتة تحرق وتقتل وتنتهك الحرمات وتروع العوائل الامنة دون وازع او رادع، وسط غياب كامل للحكومة المحلية وصمت مطبق للحكومة المركزيةّ!!! هذه النجف التي تظاهر المئات قبل اسابيع دفاعا عن قدسيتها ، وسن مجلسها قانونا يعاقب من ينتهك حرماتها او يقلل من شأنها، تقع في لحظات فريسة الفوضى والهمجية، ولا من يهب لنجدتها!!! ثم يأتي بيان الداخلية ليبشرنا بسقوط 4 قتلى و17 جريحا واحتراق مبان وبيوت ومطاعم ومراكز تجارية بالكامل!!
قرة عين اعداء العراق ما حدث يوم امس في النجف، وهو ما تسعى اليه كل دوائر المخابرات الاجنبية وتنفق من اجله الملايين بل المليارات من الدولارات، ان تخربوا بيوتكم ومدنكم بايديكم، وهو ما عجزت عن فعله داعش ومن لف لفها من اعدائكم والمتربصين بكم الشر. اليس فيكم عاقل رشيد؟ اما من قوة يمكنها ردع هذه المجاميع المنفلتة حين تنطلق من اوكارها لتدمر وتخرب؟ اين ولاة الامر؟ اين الحكومة؟ اين الشرطة؟ قوات مكافحة الشغب؟ ام ان هذه الجهات تتداعى فقط عند خروج مظاهرات ضد نقص الخدمات او انعدام فرص الحياة الحرة الامنة؟؟
السيد رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة يبدو منشغلا بالشأن الخارجي وعقد الاتفاقيات اكثر من اهتمامه بما يحدث في الداخل، ويبدو انه اوكل الشأن الداخلي وحفظ الامن الى الاحزاب وقادتها واجنحتها المسلحة ، وتركها تعيث في الارض فسادا وتعيش صراعاتها بكل عنفوانها دون ان يحرك ساكنا ، وما زالت حقيبتي الامن الداخلية والدفاع شاغرتين تنتظر الكلمة الفصل من الحكام الفعليين للبلاد التي يمزقها الضعف والفساد، بينما يشرف العراق على حافة الصراع الاكبر المتوقع والذي يمكن ان يطيح بامنه ومستقبله وحياة مواطنيه وابناءه. ويبدو ان اللا مبالاة واللا مبالين هم الاغلبية الساحقة ممن سلمت بيدهم مصائر البلاد والعباد، ويبقى الشعب يتلفت هنا وهناك باحثا عمن يتحمل المسؤولية او يحمله مسؤولية ما يحصل .
ومع اني لم اتوقع ان تفضي الامور الى افضل مما وصلت اليه، بعد انتخابات فاشلة ومزورة تمت الطمطمة على فضائحها، واعتمدت نتائجها، لتعزز من سلطة الفاسدين وتقويهم، وتعطيهم مزيدا من الدفع ليتمادوا في غيهم وطغيانهم، لكني توسمت خيرا باختيار شخصية رصينة مثل السيد عادل عبد المهدي بعيدا عن نتائج الانتخابات، لرئاسة الحكومة ، عسى ان يتمكن مع طاقمه الذي اختاره، بما عرف عنه من حكمة وهدوء من حل مشاكل البلاد او بعضها على الاقل، لكن الاحداث على ارض الواقع، وما يحدث في البصرة والموصل وكركوك والنجف وبقية المحافظات، ينبيء ان الامور تسير نحو الانفلات، وان ضعف الدولة وسلطة القانون يزداد، وان العجز الحكومي سيوصلنا الى التهلكة.. وما لم يتصدى اولي الامر لانقاذ ما يمكن انقاذه من كيان الدولة المنهار، وتقوية سلطاتها في مقابل تغول سلطة الاحزاب التي ابتلعتها، فسيحدث مالا يحمد عقباه خصوصا واننا مقبلون على احداث جسام في الايام والاسابيع المقبلة. انه مجرد جرس انذار ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
https://telegram.me/buratha