المقالات

كيف تنهب السلطة إرادة الشعب؟!

2101 2019-05-17

علي عبد سلمان

 

هل يمكننا ان نتخيل السلطة، على أنها مورد عام؟! الحقيقة نعم هي كذلك، إذ أنها وفقا لهذا المفهوم، لا تختلف عن الموارد الأخرى، مادام المال العام بيدها.

السلطة بالحقيقة؛ مورد عام يملكه الشعب بالتساوي، بحيث لا يجوز لمن يمتلك زمام السلطة، التصرف به أو إستغلاله دون الآخرين، بلا.. ولا يمكنه أن يتصرف بمخرجات السلطة، بمقام من يضطلع بدور تقسيم تلك المخرجات والتحكم بها،  ما لم يفوضه الشعب برضاه، تفويضا واضحا صريحا، مقيدا بالكيفية والأسلوب ولمدة محددة!

هذه هي فلسفة تحديد ولايات المجالس التمثيلية، والوظائف العامة السيادية، كرئاسة الجمهورية والوزراء، بل والقضاء أيضا، بآجال محددة؛، مع توصيف تلك الوظائف، من حيث الصلاحيات وبما يمنع الاستئثار بالسلطة. 

إن الصلاحيات هي البيئة الحاضنة للفساد، وكلما أتسع نطاق الصلاحيات، واقتربت الى الإطلاق، عشش الفساد بين ظهراني السلطة، ولعل من أهم آثار الصلاحيات المفرطة، هو مصادرة القرار ، وإضعاف الديمقراطية، ونهب إرادة الشعب، وذلك هو الفساد الأكبر.

إتساع نطاق الصلاحيات، سيؤدي الى تمركزها بإيد ينزع اصحابها الى الإستبداد، لأن من لا يعف عن نهب السلطة، فلن يعف عن نهب المال العام، بل وأي  موارد أخرى أقل أهمية، وستضعف الرقابة العامة، وستختل  منظومتها الرسمية،  وسيتنمر المسؤولين الحكوميين على الشعب، لغياب الرقباء والشركاء، ولأن كل شيء تحت سيطرتهم!   

بخلاف من يعتقدون أن توسيع صلاحيات المراكز العليا، سيمكن أصحاب تلك المراكز، من محاربة الفساد والقضاء عليه، فإن هذا التصور منقوض من أساسه، على قاعدة أن فاقد الشيء لا يعطيه، لأنهم ونتيجة لصلاحياتهم المفرطة، وهي البيئة المنتجة للفساد، فإن محيطهم سيكون فاسدا، وستلتف حولهم اسراب الفاسدين، ويتفسد القيادات العليا بالتأكيد.

الفاسد لا يمكنه أن يحارب الفاسدين، وما دام وجوده في السلطة  مبنيا على الصلاحيات الواسعة، وسيتحول الكبار الى حالات فساد كبرى، لأن الفساد بالنسبة لهكذا شكل من أشكال السلطة، هو من مغذيات استمرارها، وهو وقود حركتها وبقائها، لذا فرعاية الفساد هي جزء من منهج الدولة!

إن المسؤول الواسع الصلاحيات، لا يستطيع ممارسة صلاحياته الواسعة ، ولا يمكنه البقاء بمنصبه، ما لم يفسد، ويرعى الفساد بكافة أشكاله، حتى وان تظاهر بمحاربة حالة هنا أوهناك، لذر الرماد في العيون، وكجزء من منهج الفساد ذاته!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك