المقالات

مباحث في الاستخبارات (176) انظمة المراقبة والاستخبارات

3038 2019-05-23

مدخل 

-------------

لم يعد متصوراً تصور إستغناءاً  اجتماعياً او سياسياً او إعلامياً أو امنياً أو عسكرياً  بلا كاميرات , ومن هنا ركزت المعاهد العلمية والشركات على كل مامن شأنه تطويرها من حيث الدقة والمسافة والذاكرة وكل مامن شأنه خدمة الغرض منها .

وصارت الكاميرا بعد الثورة العلمية الهائلة ودخولنا في القرن الحادي والعشرين مرابطة للكثير من الاجهزة , فالهاتف فيه كاميرا والطائرة فيها كاميرا والشوارع كلها كاميرات وكذا كل مكان يتواجد فيه الانسان .

ودخلت الكاميرات مجالات لافكاك من الاعتماد الجوهري عليها كالعمل الامني والاستخباري , وتنافست الدوائر التكنلوجية في خدمة الاغراض التجسسية من خلال صنع كاميرات دقيقة وصغيرة توضع في علب السكائر والازرار والولاعات والاقلام حتى في خواتم الاصابع.

ساعدت تقنية الكاميرات في مجالات السيطرة الامنية والكشف عن الجناة , حتى صارت كثرة الكاميرات تنعكس طردياً على إستتباب الامن وصار البلد الاكثر افادة من الكاميرات هو الاكثر آمناً .

--------------------------------------

الكاميرا عماد المصدر الفني

--------------------------------------

إن الاستخبارات الفنية هي الفاعل الأكبر والعين التي ترى وتسجل وتتجسس , فلم يعد ممكناً السيطرة بالأساليب القديمة , وأصبحت الاستخبارات بلا تقنية الكاميرات – ولاسيما الذكية منها – هي  استخبارات عمياء فاشلة .

ولاشك من ان الأجهزة الاستخبارية المحترفة صارت ترى ان الكاميرا هي المصدر الفني الذي يمثل العين في الجهد الاستخباري الفني , وأصبحت الكاميرات تؤدي دوراً  استخبارياً كبيراً . 

ومع الحاجة الاستخبارية الملحة وتوسع المدن وانتشارها , واكبت تكنلوجيا الكاميرات هذا التطور ولم تقف عند حد التصوير الجامد للشخوص والوثائق , بل باتت تحلل وتبحث وتقارن وتخزن وتستدعي الذاكرة , ولعل الكثير منا سمع عشرات القصص عن ان استخبارات الدولة الفلانية اكتشفت مهاجراً ينتمي الى داعش ,  دون ان نتحرى عن الكيفية , والحقيقة انه من فعل الكاميرات الذكية المرتبطة بأنظمة الذكاء الصناعي التي تقارن ملايين الصور التي يتم تلقيمها في ذاكرتها لتقوم بالبحث وإكتشاف التشابه والتطابق 

ومن هنا لايستطيع كبار الارهابيين التنقل في البلدان المتقدمة تكنلوجياً لأن الكاميرات الذكية ستكشفهم مهما تنكروا , أما البلدان الفقيرة تكنلوجياً فيستطيع البغدادي نفسه اجتياز مطاراتها بتنكر كلاسيكي بسيط , فكلما تعمقت الاجهزة الاستخبارية في استخدام تقنيات الكاميرات الذكية , كلما زاد التضييق على حركة المجرمين والارهابيين .

------------------

ارقام فلكية

------------------

لقد تخطى استخدام كاميرات المراقبة كل حد , ووصلت الامور الى ارقام لايمكن تخيلها في بلداننا , وصل الامر الى عشرة ملايين كاميرا في مدينة كبرى تلتقط مامعدله ٦٠ صورة لكل مواطن في الساعة , ويكون المواطن في حيز الزوم كل دقيقتين , وتستطيع ستة كاميرات التقاط صورا وافلام لتحركات شخص كل 17 دقيقة , وهذه الارقام ليست من وحي الخيال وإنما هي إحصاءيات مختلفة من مدن العالم المتقدم,  فالصين مثلاً تسعى خلال السنوات القادمة للإقتراب من حاجز  نصف مليار كاميرا تعمل ولك ان تتصور.

ويصح القول ان الأقمار الصناعية جعلت كل العالم في مختلف بقاعه تحت زوم كاميراتها , فمع الاقمار الصناعية وكاميراتها لايمكن ان نتصور جزء من العالم غير مراقب بالكاميرات.

----------------

واقع مؤلم

----------------

ان تداول الارقام الهائلة للكاميرات التي تراقب في كل شبر من المدن والشوارع في العالم يجعل المرأ في حيرة من العمى الذي تعانيه الدول التي لاتستخدم تلك التقنيات , لاسيما وأن بعض تلك الدول قادرة على امتلاك التكنلوجيا سواء بالأموال او بالخريجين العاطلين , فلك ان تتخيل وضع العراق لو كان كل من السراق الكبار فاته 10% مما سرقه , لتوافرت عشرات المليارات التي كانت ستقطع دابر الارهاب والجريمة .

ان مما يؤسف له ان لاوجود لتكنلوجيا الكاميرات في البلدان التي يحدث فيها الارهاب وينمو , إلا في أضيق الحدود , كافغانستان وباكستان والعراق واليمن  وسوريا وليبيا والصومال , فلازال على عنصر الاستخبارات في هذه الدول أن يفتح عينيه , أما في استخبارات الدول المتقدمه فإن الكاميرات تقوم باللازم وتضيَّق مساحة الجريمة.

--------------------

انظمة المراقبة 

--------------------

تعتبر انظمة المراقبة الرافد الذي يرفد الاجهزة الاستخبارية والامنية بالصور والافلام , وهي مجموعة من الكاميرات المربوطة معاً ومتصلة بمركز مراقبة والغرض منها هو الرصد والمراقبة القريبة والبعيدة لضمان سلامة المنشآت ومراقبة الاحياء والشوارع وتحركات الاشخاص والمركبات , الامر الذي يجعل الاجهزة الامنية في موقف متقدم ترصد اي تحرك مشبوه وتتابع اي تحرك مشبوه , كما تلاحق المجرمين من مكان الى آخر . 

وتختلف انواع و قدرا

ت الكاميرات فمنها الثابتة والمتحركة ومنها من تمتلك الرؤية الليلية , كما تختلف طريقة نقلها للمعلومات والصور والافلام سواء بالقابلوات او لاسلكيا , وهنالك من الكاميرات ماهو مخفي لأغراض استخبارية وتجسسية ومنها ماهو ظاهر معلن ككاميرات الشوارع , كما ان منها مايستوجب تركيبه في الاماكن المغلقة ومنها مايتم زرعه في الاماكن المكشوفة , وهنالك كاميرات متحركة تعمل في كل الاتجاهات , واخرى ثابتة , والثابتة منها ماهو قادر على التصوير البانورامي 360 درجة. 

كما تستخدم فرق العمليات الخاصة كاميرات فيديوية توضع في مقدمة الخوذة وتنقل عملياتها الى المركز لاسلكياً وهي التي تم استخدامها في اقتحام مقر الارهابي بن لادن .

-----------------------------------------------

الذكاء الصناعي في تقنية التعرف على الوجوه 

-----------------------------------------------

وهي تقنية قادرة على تمييز اشخاص معينين وكشفهم تلقائياً من خلال مقارنة صورهم ومقاساتهم الجسدية بصور وفيديوات مسجلة مسبقاً او صور او بث حي لكاميرا مراقبة بدقة عالية ,  وتعمل التقنية بإستعمال خوارزميات الذكاء الصناعي  وخوارزميات حاسوبية معقدة .

فتعمل الخوارزميات على المقارنة محاولة الوصول لاقرب شبه ممكن , يقوم النظام بتحليل الآلاف من الصور لأشخاص عاديين وخزنها ,ويتم البحث وفق مناطق مميزة في الوجه (وهي مختلفة من انسان لأخر) طول الذقن والجبهة وعمق العينين , وبحساب ملايين الاحتمالات ومقارنة الصور يقوم النظام بالتعرف على الوجه والوصول الى نتيجة نهائية , وتتميز الانظمة بالكفاءة العالية والسرعة فهي قادرة على الكشف عن الاشخاص في غضون ثواني في بعض الاحيان.

وتتم مراحل كشف هوية الاشخاص وتطابق الصور بعدة مراحل هي : 

1- مرحلة الحصول على الصورة المراد البحث عنها.

2-مرحلة استخلاص صورة الوجه من الصورة الكلية .

3- مرحلة تقييس الصورة وضبط زاوية الوجه مع زاوية الكاميرا.

4- مرحلة استخلاص الملامح الأساسية المهمة من الصورة.

5- مرحلة المطابقة بين الصورة المطلوبة وخزين الصور .

6- مرحلة اصدار تقرير بالنتيجة عن اقرب صورة او نفي التشابه مع صور الخزين.

ان من تحديات تلك التقنية هو اخفاء الوجه ونسبة التشابه , فالتقرير النهائي يحدد النسبة مابين الصورة واحدى صور الخزين ويبقى الباقي فيه احتمال ضئيل للخطأ.

-------------------------------------

المراقبة بالذكاء الاصطناعي 

-------------------------------------

ان الدمج بين تقنيتي انظمة المراقبة والذكاء الصناعي والربط بينهما يعني ايجاد  ربط نظام المراقبة بالكاميرات المنتشرة بأجهزة الذكاء الصناعي مما يعطي نتائج هائلة تعادل عمل دوائر استخبارية وامنية متعددة .

 فعند نصب كاميرات راصدة في المنافذ الحدودية والمطارات والطرق الخارجية والشوارع والساحات العامة واشارات المرور والانفاق والمترو والقطارات , ونربطها بأجهزة الذكاء الصناعي فإنها ستعمل عمل جيش من العناصر الامنية , وتكون قادرة على التعرف علي اي مطلوب في قائمة المطلوبين الكبيرة حتى بعد مرور سنوات , كما يمكنها مقارنة لوحات تسجيل السيارات والكشف عن السيارات المطلوبة وسائقيها. 

وتعتبر الحكومة الصينية أكبر مستخدم لذلك النظام والربط من خلال ١٧٠ مليون كاميرا حالية يجري العمل على جعلها  ٤٠٠ مليون كاميرا عام 2022 , وتليها الامارات العربية المتحدة واليابان وسنغافورة والولايات المتحدة الامريكية , ويعتبر مطار اورلاندو الامريكي افضل المستخدمين لهذا النظام ,  حيث يستطيع اكتشاف اي مطلوب عند التقاطه من قبل النظام بزمن مدته ثانيتين وبدقة تصل الى  ٩٩٪.

------------

خلاصة 

------------

لم يعد خافياً على أحد أن الاموال التي تفسد الذمم وتحرفها , هي ذات الاموال التي تحصن المجتمعات وتمنع الجريمة , ومما لاشك فيه ان امتلاك التكنلوجيا وتسخيرها في الدول المتقدمة كان له الاثر الكبير في منع الجريمة وايقاف نزيف دماء ابنائهم , وتأتي على قمة تلك التقنيات , تكنلوجيا المراقبة والذكاء الصناعي اللذان اذا ماتوفرا وتم ربطهما سيحققان نتائج هائلة ويدفعان بالامن والاستقرار دفعة قوية الى الامام , انه ليس حلماً وردياً وليس ضرباً من الخيال , انها تقنيات متوافرة لمن يجرؤ على ان يضع امن المواطن وسلامته نصب عينيه , والله الموفق.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك