المقالات

الاصلاح بين الدعوى والتطبيق


رضوان العسكري 

لم يكن الاصلاح دعوى، او امنيات يطلبها دعاة الاصلاح، لأنه يحتاج الى عمل حقيقي مبني على اسس صالحة، لا دعوى زائفة يراد منها استقطاب الناس, او اثارة الشارع, لتحقيق مكاسب قائمة على اساس المنافع الشخصية والمصالح الفئوية، او سياسية قائمة على اساس الكسب السياسي. 

يتجسد الاصلاح على قواعد عملية رصينة قابلة للتطبيق الفعلي والعملي، لا خيالات منسوجة من احلام اليقظة، او من حواتيت الف ليلة وليلة، لأنه بالفعل يحتاج الى (الجدية والجذرية والشمولية والتدريجية والاستمرارية والتخصص والإرادة). 

فالجدية بالإصلاح هي ان يكون الاصلاح حقيقي واقعي, لا شكلي فارغ من محتواه العيني, وجذريته بضع اليد على المشاكل الواقعية العميقة التي هي أُس الفساد وأساسه، واحتوائها احتواءً شمولياً، من جميع جوانبه المادية والشكلية والصورية، لا إصلاح جانب معين وترك الجوانب الأخرى، اَي رؤية شاملة لجميع جوانبه, ولا يمكن ان يحدث هذا جملة واحدة، فيجب ان يكون تدريجي مبني على أسبقيات, وأولويات, وخطوات مدروسة, وخارطة طريق, وجداول زمنية, موضوعة بعناية. 

هذه الخطوات يجب ان تسير باستمرارية، لأن الإصلاح لا يتم بين عشية وضحاها, بسبب وجود بؤر الفساد الواسعة والعميقة الممتدة الأطراف، بين جميع مفاصل الدولة وأركانها، فيحتاج الامر الى الصبر والمطاولة، لازالت ذلك الفساد المستشري داخل مؤسسات الدولة، والذي وصل الى تعاملات المواطن البسيط. 

هذا الامر يحتاج الى التخصص، فليس كل مدعي للإصلاح يملك فيه التخصص والمعرفة، نعم انه يأمل او يسعى لكنه لا يحوط بمفرداته الممكنة التطبيق، فلا يمكن ان يجري بعقلية الأزمة, وإنما بعقلية الحل, والمنطق, والموضوعية ، وقراءة الأحداث بشكل سليم وصحيح. 

ما سبق ذكره يحتاج الى الإرادة حقيقية، لا مجرد دعوى وامنيات، فيجب ان تكون هناك إرادة قوية لتحقيق الإصلاح, لأنه إذا ما حصل سيربك الكثير من التوازنات والبناءات والمصالح المشتركة بين مدعي وأذرع الفساد، حتماً سيكون هناك صدام بين الاثنين، ينتج فوضى عارمة تضيع فيها الحقوق, وتداس تحت اقدامها الأبرياء, وسيختلط فيها الحابل بالنابل. 

في النهاية الاصلاح ليس دعوى او امنيات، انه عمل حقيقي يحتاج الى تضحيات واقعية ملموسة، تنتج تصحيح حقيقي للمسار السياسي، الذي بدوره يعمل على تقويض الفساد وتحجيمه، واستبدال الفوضى والاستهتار بقوانين صارمة ممكنة التطبيق على ارض الواقع، تنتشل البلاد من التيه والضياع الذي اصبح هاجس المواطن العراقي. 

متى ما اعتمدت تلك الأساسات او السمات في مشروع الاصلاح كان الاصلاح حقيقي ممكن التطبيق على ارض الواقع، اما في حال جعله مجرد دعوى زائفة، لا يمكن تطبيقه والسير قدماً فيه، وسيخلق فوضى عارمة تجتاح البلاد من اقصاها الى اقصاها. 

اذن نحتاج الى الحكمة والتعقل والتخطيط لإصلاح عجلة البلاد او إصلاح العملية السياسية من أبجدياتها الى اعماق جذورها. 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك