محمد علي السلطاني
مع اولى اشراقات ساعات الصباح الباكرة ، محتجبة عن عيون الناظرين، وتحت لظى شمس الجنوب المحرقة، يبدأ يوم مضني لأم علي تتلاشى فيه بوارق الامل، حالها حال العشرات بل المئات من قريناتها اللاتي يلتقطن ماتجود به الازقة والمزابل وحاويات النفايات من القناني والعلب الغارغه، لعلها تكسب بعض
الدنانير لتسد بها رمق عبالها...!
اصبح هذا المشهد للنسوة العراقيات مألوفأ، ففي كل صباح انظر بحزن واسى لأم علي ، تلك المرأة المسنة المحدودبة المتشحة بالسواد، ففقد الاحبة قرابين للوطن امر اعتاد علية الجنوبيون،
اقتربت منها، وهي منقبة لاتظهر منها سوى عينيها التي تحكي قصة وطن لم ينصف ابناءة، وحاولت ان اخفف من حزنها وهما ببعض الكلمات ، وطلبت منها ان التقط لها صورة،لكي انقل مأساتها، مستغلأ حجابها وقناعها الذي اجزم ان لايستطيع ان يتعرف من خلاله عليها احد، رفضت وقالت لي بصوت جنوبي حزين مشفق علي.. ! ((لا يمة... سودة علية... اخاف من الشماته)) ، فأدركت انها عزيز قوم ذل، في مدينة تطفو على بحر من البترول ، وتعج بالمصلحين....!
ام علي لاتعلم ان تحت بيتها ذهب اسود، لها فيه سهم يحفظ كرامتها، ويكفل لها عيش رغيد، كما كفل عيش دولأ وشعوب تبعد عن دارها بعد المشرقين، فهذه النعمة محرمة على ام علي وابنائها ، فهم اعتادو على ان يهبو كل شئ ولايجنون شئ...! هم لازالو يتسابقون على اداء الواجب الذي في الغالب يكلفهم حياتهم او يصيبهم بعاهة مستديمة لا يقوون على علاجها ...!
ام علي... تسكن في ذلك البيت الطيني الذي يجاور سور مدينة نفطية عملاقه ، فتات موائدها يغنيها عن مشوار عذابها وذلها اليومي ...! ذلك البيت الطيني الذي لايقصده احد ، ولايطرق بابة احد، تراه يعج بالمرشحين وعجلاتهم الفارهة في مواسم انتخاباتهم ،
ويعاود على ام علي سراب كلماتكم ومايعدون ...!
متى تنعم ام علي واخواتها بخيرات وطنها ؟ ومتى تنصف الحكومات ابناء هذا الشعب الصابر المظلوم ؟
بعيش كريم بلا منة او فضل ، فنفاد صبر الجياع ثورة لاتبقي احد .
https://telegram.me/buratha