المقالات

ماذا نقول قبل قرع الطبول

1518 2019-06-01

شذا الموسوي

 

بيان القمة العربية الطارئة المنعقدة في مكة يكاد يكون بيان التهيئة لاعلان الحرب على ايران، وهو ما سعت اليه المملكة السعودية ودول الخليج منذ وقت طويل، ومن خلفهم المستفيد الاكبر من اي صراع دموي يحدث في المنطقة وهو الكيان الصهيوني اللقيط، الذي يستند في امنه على اشعال الحروب واشغال الدول العربية والاسلامية بالصراعات الطائفية والعرقية والدينية، لصرفهم عن القضية الفلسطينية التي كانت في وقت ما قضية العرب والمسلمين المركزية.

فاذا وقعت الحرب في الاسابيع القليلة المقبلة –كما اتوقع- فستدخل المنطقة واحدة من اكثر فتراتها سوءا وسوادا، وستطال نيرانها الدول التي اشعلتها والتي كانت تنعم طوال عقود بالامن والاستقرار..فالحرب على ايران ليست هي الحرب على العراق.. واذرع ايران في المنطقة كفيلة بالحاق الضرر بمصالح دول وكيانات تظن نفسها بعيدة عنه..وستبدو حينذاك حوادث السفن على السواحل الاماراتية والصواريخ البالستية على نجران مجرد دعابة... ولا استبعد حدوث زلازل سياسية ان لم تطح بانظمة طال تذمر شعوبها منها، فعلى الاقل قد تدخلها في قلاقل وانقلابات دموية واحداث عنيفة لم تشهدها من قبل.

اما ايران التي تعاني الان ازمة اقتصادية تعصر ابناءها وتذيق شعبها مرارة الجوع والغلاء والعوز..فستضاف الى اعبائها عبء الجهد العسكري والقتالي.. وستزف الى ساحات المواجهة خيرة شبابها ورجالاتها ، كما ستضع على المحك عقيدتها السياسية التي بنت عليها حكمها طوال هذه العقود الاربعة ، وان كنت اجزم ان هذه الحرب وان طال امدها، لن يمكنها ان تنال من النظام السياسي فيها، كما يحلم الحالمون، لكن اقصى ما يمكن ان تفضي اليه الحرب، هو ان تلملم ايران نفسها، وتوقف نشاطاتها الخارجية و تمويل الفصائل العقائدية المرتبطة بها، او تشكيل فصائل جديدة حسب ما تحتاجه مناطق الصراع الدولي والاقليمي، وهذا ما يمكن ان تقدمه ايران على طاولة المفاوضات دون الدخول في الحرب.

واذا تمعنا في الوضع الامريكي، فان الشعب والساسة هناك ما زالوا يتجرعون مرارة الحرب على العراق، وقد سمعت بأذني ورأيت بعيني كيف يلعن الاميركيون كل يوم بوش الابن الذي ادخلهم في تلك المعمعة التي لم يتعافوا من ويلاتها حتى اللحظة، بل واتذكر جيدا عندما ذهبت هناك للدراسة كيف يبادر المواطن الامريكي العادي الى الاعتذار مني بكل خجل مما فعله قادته وسياسيوه بالعراق حالما يعرفون انني عراقية. بل واكثر من ذلك عندما التقيت ببعض اعضاء الكونغرس الامريكي الذين اعربوا عن ندمهم على خوض تلك الحرب، وسخريتهم من رجالاتها الذين لعنهم التاريخ والشعب الامريكي فانزووا في زوايا النسيان. ومع يقيني ان ادارة ترمب - التي تعاني من اعتراضات متزايدة على نهجها حتى داخل الحزب الجمهوري نفسه- قد قبضت الان ثمن الحرب، ولن ترضى باقل من ضربات جوية على مواقع ستراتيجية مهمة في العمق الايراني وفي العراق وسوريا وغيرها من ساحات قد تستجد في حينها، الا ان علينا ان لا نغفل عن دور محتمل لروسيا والصين قد يكلف اميركا ما لا تجرؤ على التفكير به حاليا.

ما يهمنا فعلا اكثر من غيره هو وضعنا نحن كعراقيين، وهو لا يبشر بخير كما يدرك الجميع، فالفرز السياسي الذي بدأ منذ مدة سيزداد وضوحا، وليس اخر تداعياته تنازل العبادي عن جميع مناصبه القيادية في حزب الدعوة. ورغم ان معظم الفصائل المسلحة قد اعربت عن رفضها للحرب والانخراط بها، لكن حالما تندلع فعلا، فلن تجد بدا من الاصطفاف بسرعة مع عمقها الولائي العقائدي، لتصبح جزءا من الصراع، بل احدى ادواته، ولن تفلح كل محاولات الحكومة العراقية او المرجعيات الدينية في كبح جماحها، ولتجعل من العراق ساحة من ساحات الحرب التي لم يعد الشعب العراقي يتحمل المزيد منها. ومع اول رصاصة تنطلق، ستنهار الكثير من التحالفات السياسية التي قامت على اساس المصالح الضيقة والمساومات الرخيصة، وسيعود الخنجر الى ساحات الاعتصام ويصيح قادمون يا بغداد، ويرقص مشعان الجبوري على اشلاء ضحايا سبايكر.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك