باقر الجبوري
في قصة كنا نسمعها دائما للموعظة قالوا أن هارون اللا رشيد سأل البهلول
قائلا له (( أجبني يا بهلول من ازهد الناس ))
فأجابه البهلول (( والله انه انت يا مولاي ))
فاستبشر اللا رشيد ضاحكا ...
وقال منتشيا (( وكيف رأيت ذلك ))
فقال البهلول (( ومن أزهد منك يا مولاي وانت قد زهدت بالجنة وهي باقية وأستبدلتها بهذه الدنيا الفانية ))
قيل أن ( اللا ) رشيد قد غص دون أن يكون في ريقه قطرة من الماء (( فقد القمه البهلول حجرا بألف حجر ))
لاتعتقدوا انها قصة مضحكة فالكثير منا اليوم قد باع اخرته بدنياه من اجل دراهم معدودة او منصب او جاه يقربه من السلطان ولو كان ذلك على حساب الاخرة
في موضوع صاحب الذكرى الأليمة السيد والاب والقائد والامام الخميني رضوان الله تعالى عليه نجده قد عكس هذه المعادلة ومع الاعتذار فلا قياس بين اللا رشيد وبين السيد الامام الخميني ( رض ) فشتان بين الثرى والثريا .
فالامام رض ... وكما عرفه الجميع قد زهد في دنيا فانية أقبلت عليه بكل ملذاتها لاجل جنة أخرى باقية لم يسمع عنها هو نفسه سوى في الأيات والروايات والاحاديث فلم تكن عنده سوى حبر على ورق
جنة عرضها كعرض السموات والارض (( فمن رأها ))
ولحم طير مما يشتهون (( فمن أكل منها ))
وحور عين (( فمن تزوج منهن ))
وآيات عن شراب من عسل (( فمن أستطعم منه ))
(( فآمن بسواد على بياض )) كما يقال
فكان بلا حمايات ولا قصورا فارهات ولا مكاتب ولا تشريفات
مجرد بيت مؤجر في شمال طهران بمساحة لايمكن لنا اليوم من التصور انه يمكن لعائلة كاملة من العيش فيها
فكان متأسيا بجده أمير المؤمنين عليه السلام في كل همساته وحركاته وحتى سكناته وعن نفسي أوقن انه ما عبد الله في كل حياته حبا وطمعا بجنته بل شوقا له ولرضاه
تقول السيد زوجة الامام رض أنه وفي أحد الايام قد وجد في بيته بطيخا فلما اراد أن يقتطع منه جزءً شعر بأن نفسه قد أشتهت تلك البطيخة فاخذ شيئا من الملح ووضعه على تلك القطعة
وتكمل قائلة ... لما سألته عن سبب ذلك
قال لها (( أعاقب نفسي على تلك الشهوة ))
وهنا لا اتعجب ان يهيء الله على يدي هذا الرجل اقامة حلم الانبياء بدولة العدل الممهدة لدولة العدل الالهي وهو يحرم على نفسه حتى مع ما احل الله له
نعم انه الامام الخميني ( رض )
وفي قصة اخرى والرواية على لسان احد ابنائه قائلا أنه قام بشراء ثلاجة كهربائية للبيت فلما عرف السيد الامام بذلك ورأها قام فأخرجها من البيت وقال (( لن يكون في بيتي ثلاجة حتى يكون في كل بيت فقير ثلاجة مثلها ))
نعم فذلك هو الخميني ( رض )
وقيل انه لم يجلس قط تحت جهاز تكييف ...
وقيل انه لم يستلم مرتبا عن طيلة سنين قيادته للثورة وللجمهورية الاسلامية ولم يكن يميزه عن غيره سوى المسمى الذي فرضه عليه التكليف الشرعي ((قائد الثورة الاسلامية ))
نعم فذلك هو الخميني ( رض )
ثم قالوا وقالوا وقلنا ... ولم نوفي أو يوفي حقه احد
نعم فذلك هو الامام الخميني رض الذي أبى قبل وفاته الا أن يتم نعمته على كل العالم وليعطييهم درسا لم ياتي به غيره من خلال وصيته ليوصل صوته لكل المتزاحمين والمتسلقين الى السلطة بحجة اداء التكليف وخدمة الاسلام والامة وليغلق الباب أمام ملذات الدنيا حتى على من سيخلفه من أهل بيته ( مع انهم لم يكونوا الا كما أراد هو لهم ) ولكن الامر من باب ( إياك أعني وأسمعي يا جارة ) فكتب خاتما وصيته الشريفة ( رض ) بان لايكون لأي من أبنائه أي عمل حكومي أو سياسي أو ديني مستفيدين فيه من أسم أو عنوان الامام الخميني ( رض ) كقائد للجمهورية وللثورة الاسلامية أو من خلال مسمى مرجعيته للأمة كونه المرجع الاعلى المقلد في أيران وأغلب بلاد المعمورة .
ذلك هو الاطمئنان والايمان والعرفان والزهد والتقوى وغير ذلك من المسميات في قلب الامام رض وهو الاساس للعلم المطلق بان ماعند الله خير وابقى من كل أسم أو عنوان.
وأن مرضاة الله هي الاهم التي توصل الانسان لعلو الدرجات والمقامات ولاغير ذلك
فسلام عليك سيدي ولدت ويوم متّ ويوم تبعث حيا
واعتذر فكلامي على قدري علمي وليس على قدرك ومكانتك عند الله ...
خادمكم الفقير ...
https://telegram.me/buratha