علي عبد سلمان
مجتمعنا منقسم من حيث منهجية التواصل، الى قادة ومقودين، زعماء وأتباع، شيوخ ومريدين، الصنف الأول يتكلم والثاني يسمع، هم يقررون ومن يتبعهم ينفذون، الزعماء في المقدمة والأتباع خلفه، الشيوخ يتمتمون؛ ومريديهم يرددون ما تمتموه حتى لو لم يفهموه!
هكذا؛ وبإزاء الأزمة المنفتحة على مجتمع مُتْعَب، يواصل تفككه وتدمير نسيجه الحيوي، وتراجع نموه الاقتصادي، على إيقاع عنف متصاعد، لا يتوقف المريدين عندنا، عن التباري في “إستعارة القوة المقدسة” من شيوخهم، ليستخدموها ضد أنفسهم، حتى لو اطاحت هذه القوة بحاضرهم ومستقبلهم.
لأن مجتمعنا مُتْعَب بسبب جور السنين الغابرة، ولأن التغيير باغته على غير توقع، إذ كنا مقتنعين تماما، بأن نظام صدم والمنظومة التي ينتمي اليها، باقون لعشرات بل مئات السنوات القادمة، فإن مجتمعنا لم يكن قادرا على تأسيس طقوس وطنية ثابتة، ولذلك فإنه يواجه صعوبات كثيرة، في سعيه النهوض لوقف هذه المظلمة، التي وجد نفسه فيها، والمحصلة أن كل منا يتبنى أزمته الخاصة به.
لا معنى للسياسة الراهنة إلا هذا المعنى، الذي لا يشي بأي أملٍ، في تغير قواعد اللعبة السياسية هنا، والساسة هنا لا يجيدون سوى النصيحة، والساسة "الناصحون" ينتمون الى فرق مختلفة متخالفة، وكل فريق أتخذ لنفسه قوةً، تدعم خطابه السياسي بإزاء فريق آخر، والأتباع وقود ماكنة القوة هذه!
الساسة"الناصحون" ينصحوننا بتغيير عيوننا! بانتظار تغير قواعد الصراعات الدولية والإقليمية، الدائرة على تخوم وطننا وعلى أرضه، وهم لا يعملون بل لا يقدرون على تغيير الواقع، الذي هو ليس إلا ملابس متهرئة وأطمار بالية.
إنهم يريدوننا أن نرى تلك الملابس الرثة؛ حللا جديدة بألوان زاهية، تماما مثل ما يُدعى عاشق، لأن يشم عبق الزهور في غابة محترقة! فيضعوننا أمام خيارات "أكسباير"منتهية الصلاحية...
الساسة هنا يعتمدون طقوس ما بعد 9/4/2003، منتشين بخطابات جوفاء، مفتوحة دوما على جماعات تتبع كل منهم، جماعات تخاف بعضها بعض، يدفعها ذلك الخوف لأن تتمنى فناء غيرها، وتسعى لذلك بكل قوة، وبما يمنحها زعمائها وقادتها وشيوخها من مبررات، ومع ذلك تحلم بالعدالة والمساواة، في وطن حملوا معاولهم لهدمه!
الناس هنا رهائن نزاع دائم؛ على سلطات مرتهنة لدى ساسة نخاسين..