حسين علي السلطان
إمتاز العصر الجاهلي بسنن وشرائع قبلية متوارثة عبر الاجداد والاعراف، فجاء الدين الإسلامي ليذم بعضها ويحرمها ويمنعها، كظاهرة وأد البنات، ونكاح العمات والخالات، وحالات الظهار وغيرها... ومدح وشجع على عادات أخرى، كإكرام الضيف، والشجاعة وصلة الارحام، ومساعدة المحتاجين والعمل في الزراعة والتجارة وغيرها...
إن من ابشع المنكرات العقلية والانسانية مما كانت تعمل عليه الجاهلية؛ هي ظاهرة وأد البنات والتي كانت جزءا لا يتجزأ من حياة زعماء القبائل، وقادة وسادات الجاهلية من مختلف القبائل فكانوا يعتقدون ان البنت ستجلب العار لأهلها في حال ارتكبت خطأ؛ او تعرضت للسبي من القبائل الغازية، او العدوة لهم وبالتالي تكون هذه السيدة جارية للغزاة وحينها تنكس رؤوس اهلها،وقبيلتها فيعمدون على دفنها حية حين ولادتها.
جابه القرآن الكريم هذه الظاهرة بقوة، ومنعها ووضع المعالجات الشرعية والنفسية لأسر تلك البنات، فأقر الاسلام عقود النكاح التي تتيح للزوج والزوجة الاختيار، والقبول والرفض وبخلافها وضع عقوبات صارمة لمعالجة الخطأ من المرأة كان او من الرجل تصل الى حد القتل رجما؛ ليجد هذا الامر استحسان وقبول من قبل العرب، وأصبح دستوراً لهم يتماشى مع الطبيعة الانسانية والعقلية.
بالرغم من التقلبات الاجتماعية، والاقتصادية المستمرة في عالمنا هذا، والتطورات المتسارعة على المستويات العلمية، والتكنلوجية الا ان الموروث القبلي ينتقل من جيل الى جيل بمحموده ومذمومه، متأثراً بعوامل خارجية قد تزيد او تنقص في العادات الممدوحة، وكذلك قد تزيد او تنقص في التقاليد المذمومة، ومن التقاليد المذمومة التي تعرضت الى الزيادة في محتواها هي ظاهرة وأد البنات لدى الاسر الهاشمية والاسر الهاشمية (هي اسر عربية ترتبط بنسبها القبلي الى بني هاشم اسرة النبي (ص) فهذه الاسر تبيح لأبنائها الزواج من كافة القبائل، ولكن تمنع بناتها من الزواج الا للهاشمي! خوفاَ من ان يشتمها زوجها الغير هاشمي، ويلحق ذلك العار بأسرتها، فكيف لغير الهاشمي ان يشتم الهواشم حسب اعتقاداتهم!!
ان هذه الظاهرة وللأسف الشديد اصبحت شائعة خصوصاً في اوساط المجتمع العراقي الذي شهد تغيرات كبيرة، ومتسارعة نتيجة الحروب، والارهاب وكان اهمها فقدان ضبط المجتمعات اذ لوحظ أن الكثير من العوائل ادعت انتسابها لأسرة بني هاشم كما ان عادة عدم تزويج الهاشمية الا من الهاشمي اصبحت قاعدة افتخار، وإثبات نسل للقبائل الهاشمية بحسب الاعراف المتداولة في المجتمعات الريفية، وهذه الظاهرة جعلتنا نقف امام عشرات النساء الهاشميات اللواتي حرمن من ابسط حقوقهن الشرعية والقانونية، والانسانية
لذا اصبحنا مطالبين بالوقوف، وبقوة لمحاربة هذه الاعراف من خلال سن القوانين القضائية التي تحاسب بشدة على من يتبع هذه السنن الجاهلية؛ كما نستغل هذا المنبر الكريم لندعو كافة القبائل العربية الاصيلة على معاملة الاسر الهاشمية التي تمنع زواج بناتها من غير بني هاشم، بالمثل ومنع تزويجهم ليلجؤوا الى فك هذه العقد الجاهلية او لتوفير فرص الزواج لبناتهم من ابناءهم على اقل التقادير.
https://telegram.me/buratha
