ماجد الشويلي
لم يكن موقف العراق الذي اعلنه الرئيس برهم صالح مدويا في الجامعة العربية مجرد موقف سياسي استعراضي عابر ،كتلك المواقف والاراجيز التي ينشدها رعاة وحكام الانظمة البدوية في المنطقة ، الذين اعتادوا على رجزها بحدوهم لابلهم .
بل كان موقفا مبدأيا واخلاقيا ينم عن الشعور الحقيقي بمسؤولية الانتماء للامة والشعب والوطن .
كما ينم عن الاستعداد لتحمل التبعات الجسام التي تنجم عنه ايا كانت وكيفما تكون .
لكن لماذا هذا الموقف من العراق وليس من غيره ؟
من الواضح أن الاجابة على السؤال تستلزم استفاضة كبيرة واستغراق طويل في الحيثيات ،وبغية الايجاز وتوخي الدقة والتركيز في الاجابة ساعمد للاكتفاء بذكر اهم الركائز والدعامات التي استند لها هذا القرار الحكيم والمبدأي الجرئ الذي اتخذه العراق في الجامعة العربية ،الا وهو ركيزة استناد النظام السياسي في العراق للارادة الشعبية.
هذه الركيزة التي يفتقرها جل الانظمة العربية الممثلة في الجامعة العربية الان.
فمن المعروف ان انظمة المشايخ المتهرئة على وجه الخصوص هي انظمة وراثية قمعية لاتمثل شعوبها بادنى المستويات ، ولذا فان قراراتها ومواقفها لاتعبر الا عن مصالح شيوخها وملوكها فحسب ولاتمت لشعوبهم باية صلة
أما العراق فبرغم الملاحظات الجمة والغفيرة على نظامه السياسي الا انه من حيث المبدأ هو الافضل من بين كل الانظمة السياسية للمنظومة العربية القائمة في المنطقة؛ لانه يستند بدرجة كبيرة لارادة الشعب .
هذه الارادة المنبعثة من مظومة القيم والاعراف والمعتقدات التي يؤمن بها الشعب العراقي هي التي الزمت الرئيس برهم صالح ان يتخذ موقفه الذي اتخذه في الجامعة العربية .
وان كان يستحق الثناء عليه كما يستحق رئيس الحكومة كذلك . الا انه ليس موقفا شخصيا بقدر ما هو موقف يعبر عن ارادة شعب ينتمي لامة ويحرص على سلامتها ووحدتها وقبل أن يكون موفق رئيس حكومة او ملك او امير .
وانا على اعتقاد أن الحكومة العراقية بكل ابعادها لو لم تكن تعلم بأن اي موقف مغاير لما اتخذته في الجامعة العربية سيجعلها في موضع الاتهام والمحاسبة امام الشعب والمرجعية الدينية وانها ستلفظ وتمج ويلقى بها في مقالع السياسة ولن يشفع لها احد بعد ذلك لشهدنا منها موقفا غير ماشهدناه من الصلابة والحكمة.
أن هذا ماعليه الحال في النظام السياسي العراقي رغم كل مايعانيه من وهن وضعف وركة !!
ولهذا نجد أن اميركا وحكام الخليج يجهدون لتغيير النظام السياسي في العراق اكثر من سعيهم لتغيير الرموز السياسية فيه .
فبعد ان تمكن الغرب من تغيير المنظومة الذهنية والايدلوجية الفكرية عند اغلب الزعامات السياسية في العراق لصالحهم بات بقائهم بمايحملون من ارث وتاريخ يمثل ضمانة لبقاء مصالحهم في العراق وهيمنتهم عليه وليس العكس ؛انصب تركيزهم الان على تغيير النظام السياسي الذي بات يشكل لهم عائقا وتحدياً بل ورطة تورطوا بها حينما اسهموا بصياغته وهم لايعلمون بان مآلات ما اتيح لهذا الشعب من هامش الحرية فيه سينقلب على مصالحهم ومخططاتهم كما حصل في مؤتمر القمة العربية مؤخرا
ولعل حكام الخليج كانوا اكثر تنبها لهذه الحقيقة من الاميركان فبادروا لمعاداة هذا النظام الوليد بغية اجهاضة والانقضاض عليه للحيلولة دون وصول ارتداداته لبلدانهم .
لكن كما يبدو ان فاس العراق وقعت برؤوسهم جميعا وانه يتعافى ويعود افضل مما كان عليه قبل يتعافون مما تلقوه من الضربة التي شجت رؤوسهم العفنة
https://telegram.me/buratha