ميثم العطواني
مثلما أخفقت الحكومات المتعاقبة بعد إحتلال العراق عام (2003م) في إدارة العملية السياسية، أخفقت أيضا بتحقيق أي انجاز ملموس في جميع الملفات الأخرى لاسيما تلك التي يكون لها تماس مباشر مع حياة المواطن، إذ من المفترض على الحكومة في حال الاخفاق في ملف محدد أن تبدع في إدارة الملفات الأخرى بهدف التغطية على الإخفاق لحين علاجه في أسوء التقديرات.
ملفات نطيحة، وقضايا متردية، تتربع عرشها العملية السياسية، ينخرها الفساد المالي والإداري حتى النخاع، الكهرباء والماء والصحة قطاعات متردية تجعل حال المواطن أشبه بحال الجندي بلا ذخيرة في ساحة المعركة إذ يكون الموت مصيره دون أدنى شك.
كان على الحكومات المتعاقبة أن تولي اهتماما خاصا بحل مشكلة هذه القطاعات، وتنفذ خططا سديدة لتوفير أبسط الخدمات الأساسية، لا ان تجعل منها موردا لزيادة ثراء المسؤولين الفاسدين، وإلا بماذا يفسر بلد يطفوا على بحر من النفط وشعبه يكتوي بلهيب شمس حارقة تتعدى فيها درجات الحرارة الـ (50) درجة مئوية وسط انقطاع التيار الكهربائي المستمر؟!، وبماذا يفسر عدم ضخ ماء صالح للشرب عبر أنابيب الإسالة في عموم المحافظات؟! ناهيك عن التطرق الى مدن كبيرة يقطنها مئات آلاف المواطنين تشهد شحة المياه، وبماذا يفسر موت المواطنين الذين لم يسمح لهم وضعهم المعاشي مراجعة عيادات الأطباء والمستشفيات الخاصة؟!، دون آدنى شعور بالجانب الإنساني قبل أي شيء نرى بان كل حكومة تضع اللوم على ماقبلها ولاتقوم بتخفيف معاناة المواطنين، حيث كان من المفترض ان تنتهي أزمة الكهرباء قبل أكثر ستة أعوام عندما أعلن نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني، قائلا: "ان العراق سيصدر الطاقة الكهربائية لدول الجوار خلال العام المقبل2013 "، مبينا أن " العراق سيصل بإنتاجه من الطاقة الكهربائية خلال العام المقبل الى (20) الف ميغا واط"، وهذا ما يعتبر الفساد ذاته!!، بدلا من ان نصدر الطاقة الكهربائية قبل ستة أعوام بات الشعب يرزح تحت رحمة وعود كاذبة ومسؤولين فاسدين جعلت من حياة الناس أشبه بالجحيم.
ان "عباد الله" وهم في هذه الظروف المتردية يعانون من جوانب أخرى أهمها استشراء البطالة بسبب عدم توفر فرص العمل المناسبة التي تحقق لهم الحق الأدنى من العيش الكريم، البطالة هذه الآفة المميتة التي عشعشة في دور المواطنين دون الإلتفات لمكافحتها، الكل يدعي الاخلاص والوطنية والرحمة والإنسانية، إلا ان الواقع المعاش يؤكد على ان مجموعة من اللصوص توافدت على المناصب لسرقة المال العام امام انظار الشعب في وضح النهار، ترليونات الدولارات صرفت بين فساد مالي وسوء تخطيط في ظل تبريرات واهية لن تقنع حتى الأطفال، لان الحكومات المتعاقبة لو استغلت هذه الميزانيات الانفجارية مقارنة بميزانيات الدول الأخرى بصورة صحيحة لشهدنا تيار كهربائي دون انقطاع، وانتهاء مشاكل جميع الملفات.
على الحكومة المركزية ان تعمل بجدية لتحسين الواقع المتردي الذي يشهده العراق والعراقيين منذ أعوام، وان تبذل قصارى جهدها في سبيل تحقيق مطالب الشعب المشروعة والتخفيف من معاناته.
على جميع المسؤولين وكلا من موقعه ان يتذكروا جيدا "صولة الحليم اذا غضب"، لإن الشعب العراقي وان جارت عليه الظروف يبقى شعب ذو ارث ثقافي وحضاري واجتماعي يحمل هموم الوطن قبل همومه، وليس كما يصفه البعض من شدت اليأس بإوصاف لا تليق وتاريخه العريق، إلا انه على الرغم من هذا نحذر من تفاقم الأمور الى حد الاستهانة بحقوق الشعب، لان صولة المظلوم على الظالم تكون أشد وأقسى بحسب نوع وطبيعة الظلم، ولم تشهد جميع دول العالم ما يشهد المواطن العراقي من ظلم وحيف تمثل في سرقة أمواله وهدر ثرواته وسلب أبسط حقوقة.
أحذروا ثورة الشعب الذي قال فيه الشهيد الصدر الأول رضوان الله تعالى عليه "الجماهير أقوى من الطغاة"، وصدحت لإجله حنجرة الشهيد الصدر الثاني رضوان الله تعالى عليه، قائلا "كلا كلا للباطل"، وأكدت المرجعية الرشيدة حتى قالت "لقد بحت أصواتنا"، وهذا أرث دفين عندما يخرجه الشعب فلا مناص من اندلاع ثورة جبارة تهد عروش الطغاة والمتجبرين الذين نهبوا خيرات الشعب.
https://telegram.me/buratha