المقالات

حشد المرجعية و "هوبز"


جواد أبو رغيف aburkeif@yahoo.com

 

المتابع لحركة المعارضة الشيعية،التي تعد من اعرق خطوط المعارضة بتأريخ الإنسانية،بسبب عمرها الذي يزيد على اثني عشر قرناً!،يلاحظ صلادة تلك المعارضة وحيويتها،برغم حجم الضغوط الذي طالها (قتل ـ تهجير ـ حرب اقتصادية ـ إقصاء ـ تهميش....الخ)،من السلطات الحاكمة بدءً من الخلافة الراشدة ثم دولة الأمويون والعباسيون حتى الدولة العثمانية الى عصر الجمهوريات والملوك والمشايخ الحديثة التي أوجدها الانكليز بعد أفول الإمبراطورية  العثمانية.

الملاحظ لمسيرة التشيع هو (معجزة البقاء)،ولا تفسير لبقاء تلك الطائفة سوى سببين الأول هو  قوى الغيب ولطف السماء!،والآخر هو "نظرية الفرد" التي اشتغل عليها أئمة التشيع ابتداءً من علي ابن أبي طالب حتى الإمام الغائب محمد بن الحسن .

فقد حمل فكر الإمام علي أبناءه إضافة لأصحابه الأربعة (عمار ـ المقداد ـ أبا ذر ـ سلمان).

مثل هؤلاء الصحابة بذرة وجود التشيع،فيما أسس الإمام الثاني عشر الغائب أسباب التمدد والبقاء عبر سفرائه الأربعة.

تلك الرباعية المسببة للوجود والتمدد والبقاء،منذ زمن علي حتى غيبة آخر الأئمة الاثنا عشر،أصلت لفكرة المرجعية الدينية، التي من ابرز واجباتها الحفاظ على الدين والمذهب،وتشترط الزهد والأعلمية لقيادة الأمة.

 تعد المرجعية الدينية في الفكر الشيعي الأمامي من الضرورات كونها تمارس تشخيص مصلحة الأمة في الظروف الحالكة وضبط  ومراقبة حركتها.وبذلك فهي كابح اجتماعي وصمام أمان.

فكرة المرجعية الضابطة والحاكمة التي أعتمدها الشيعة منذ عدة قرون بحسب توجيه أئمتهم، هي سبق فكري يحسب لرواد التشيع، على حساب منظري "العقد الاجتماعي" "جون لوك" و "جون جاك روسو"،الذين قالوا:( أن العقد الاجتماعي هو تفويض المجتمع لفرد بقيادة الأمة )،حتى طرح زميلهم " هوبز" سؤاله الخطير : ( أذا اختلف الفرد مع الأمة فلمن يرجعون؟!)،ليشهق بعدها بشهقته التي عدلت نظرية العقد الاجتماعي بضرورة وجود إمام للائمة يمتلك صلاحيات مطلقة فقال : (يجب أن تكون هناك سلطة ثالثة لا تقلل ولا تعاقب ولا تحاسب)!،وتلك الصلاحيات لا يمتلكها سوى الإمام والفقيه الجامع للشرائط بحسب معتقدات الشيعة الاثنا عشرية.

في مثل تلك الأيام سنة (2014 )،تعرض العراق إلى غزو بربري همجي بقيادة لقيط مشوه صنع برحم "الماسونية" العالمية أضفت عليه صبغة أسلامية لقبه "داعش"،ليحتل ثلث مساحة العراق،بمباركة دولية وإقليمية وبعض الدول العربية.

صمت ذهول وترقب وفقدان البوصلة فيما تداعت أسوار المدن الواحدة تلو الأخرى أمام  زحف داعش حتى وصلوا مشارف بغداد وسورها.

هناك في أزقة النجف كان يمكث وريث المعارضة الصامتة على مدى القرون السالفة،صاحب السلطة الروحية المطلقة على أتباعه.

نهض وارتدى عباءته وأطلق فتوى "الدفاع الكفائي"،لترتج ارض العراق،ويحار أعداءه وبنادقهم المأجورة بأمرهم!.

كلمتان لا غير نطق بها مرجع الأمة حطمت اكبر مشروع تدميري لمنطقة الشرق الأوسط وليس العراق فحسب خططت له دوائر مخابرات دولية وجندت له إمكانات مادية ومعنوية هائلة،كاد يشهد اكبر موجة نزوح في القرن الواحد والعشرين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك