حيدر الطائي
"الإفتتاحية"
في السنوات الأخيرة نمت ظاهرة الإلحاد. وتوسع تأثيرها جدًا ربما بشكل غير مسبوق لاسيما على فئة الشباب. وهو مادفع كثيرين إلى النظر إلى المسألة بشكلٍ يبتعد عن الرؤى السابقة التي تعتمد الخلط وتتسم بعدم التمييز والتفهم. إلا أن المشكلة كثيرًا ممن حاولوا تحليل المسألة لم يكونوا مستعدين أبدًا لنقد أسباب الإلحاد الحقيقية. إما لأن آلياتهم الفكرية أخذت قالبًا لاتستطيع تجاوزه أو لأنهم يعون بأن هذا النقد سوف يرجعُ إليهم. وهو مالايمكن أن يرتضوه بأي حال
أنا كفرد من سائر الناس أرفض الإلحاد واعتقد أنه موقف غير صحيح معرفيًا. وخطر جدًا في نتائجه التي يفرزها في أرض الواقع. ليس لكونه إنكار لأهم الأفكار التي ينتظم عليها البشر
بل ايضًا لما يترتب عليه من أضرار كبيرة تمس الفرد والمجتمع. فضلاً عن خطأ نظريًا.
طبعًا من غير المعقول أن نتعامل مع الإلحاد دون ان ندرك الأسباب التي أدت إلى عزوف كثير من الناس عن فكرة وجود الله. والنظرَ إليها على أنها فكرة صحيحة واقعًا أو مدمرة في نتائجها. لاسيما وأن كثيرا ممن تمسكوا بفكرة الإلحاد كانوا فلاسفة وعلماء فهم ليسوا جهلة ومحدودي الفكر.
وهذا ما يعفينا من مراجعة أفكارنا. فهنالك خللٌ حاصلٌ فعلاً لابد من التعامل معه. وهو نتيجة لمفاهيمنا التي لانريد أن تتحمل أي مسؤولية. فمن الخطأ أن نتصور بأن الإلحاد شبهة تُرد أو تنتهي بجوابٍ لفضي وانتهى الأمر. بل هناك مشاكل نحتاج للتعاملَ معها تعاملاً واقعيًا. فمثلاً عندما ننظر إلى الإسلام كدينٍ نؤمنُ به. ستجد أن من أهم الركائز التي اثبتها رفض الخرافة والدجل. وأيضًا العمل على تحرير العقل منها
إلا أن الواقعَ الموجود فعلاً هو إنك تجد مالايُحصى من مظاهر التخلف سواءٌ في مستوى التفكير أو تركيب المجتمع الذي يعيش في كنف الإسلام. أو في قوى وأشخاص وجماعاتٍ تتطفلُ عليه بل وتفرضُ نفسها عليها. لقد أكد الإسلام على رفض العبودية لغير الله. لكي يخلّص البشر من استعباد بعضهم لبعض. لكنك عندما تنظر إلى الواقع ستجد وضعًا آخر وامرًا مختلفًا. ستجد تقديس الحكام والفقهاء والزعامات الدينية. قد وصل حدًا تجاوز كل حد. فتجد هناك من يبرر طاعة السلطان بشكلٍ مطلق إما بدعوى أنها واجبة شرعًا. واما من باب وجوب الإيمان بالقضاء والقدر كما يفهمها هؤلاء. بينما هناك من جعل طاعة الفقيه تصل إلى عدم جواز رد قوله. لأن الراد قوله هو كالراد على الله. كما يجب أن نعلم أنفسنا أهمية نقد الذات وليس تبجيل الذات الذي لانشبع منه إن معالجة ظاهرة الإلحاد لاتكونُ إلا بمعالجة الواقع الذي نبت فيه. إنه إفراز لظروفٍ نفسيةً أو إجتماعية ويندرُ أن نجد إلحادًا معرفيًا. والسلام.
https://telegram.me/buratha
