احمد لعيبي
ايام الطفولة من كنا بالتاجي بليلة العيد جدي الله يرحمه كان يصعد فوك غرفة الاستقبال الطينية اللي تبعد اكثر من ١٠٠متر عن غرف النوم مالتنه ..
يباوع على الهلال من كل الاتجاهات وينزل يدخل عدنا غرفة مال دجاج عرب ومتروسة بيض يعزل منها دجاج وبيض وكان بغرفة جدتي ديلاب خشب قديم متروس دهن حر وزبد معبأ بشيشة معجون زجاجية هم يطلع منها كمية جبيرة ..
ويلزم سطل حديد قديم يحلب بيه الهوايش اللي عدنه ويوصي جدتي ان تحول الحليب الى خاثر..
ويرجع وراها عنده تنكه مال دهن تارسها خردة يخلي نصها بكيس نايلون كان يضعها بجيب دشداشته ..
كنت صغير واني اراقب هذا الرجل الذي زرع كل نبله في طفولتي ..
في فجر العيد كان يذبح الدجاجات ويسلق البيض ..
يحمل البيض صباحا الى مكان كنت لا اعرفه كثيرا رغم ان جدي كان يذهب اليه كثيرا ويفترش عبائته ويجلس عنده وسمعته ذات مرة يناديه (ابو طِلبة )
وعلمت فيما بعد انه الكاظم ...
كان جدي يزور ويمسح بعبائته ارض الصحن ويخرج يوزع البيض والخبز بيده على الزوار ويضع قبل التوزيع بيضتين في جيبي واحدة له واخرى لي ويقول لي من نخلص توزيع نتريك..
وفي اخر مرة وقفت امراة وابنتها امامنا عندما نفذ ما عنده من البيض فقال لي (احميد يدي طلع البيضات اللي بجيبك ..تضايقت بعض الشي وانا اعطيه البيضات وكان مبتسما وهو يعطي اخر ما عنده ثم حملني بحضنه من باب القبلة وسار بي وهمس بأذني قائلا ((هاي المرة ما اجت وحدها ..الكاظم وداها بالعيد كالها روحي تريكي يم احميد وجده ابو لعيبي ..ضحكت كثيرا ..وانا اسمع كلمات جدي وكانما قال لي امرا عظيما ..)
عدنا ووجدنا جدتي قد سلقت الدجاج ووزعته على البيوت ولم تبق لنا جناح دجاجه ...!!
اخرج جدي من كيسه قطع معدنية وقال لي روح اشتري من الدكان شربت وكعك..!!
وسالني ابو الدكان وهو يبتسم عايف الدجاج والروبة والدهن الحر وجاي تشتري شربت وكعك ..
فقلت له ...جدتي وزعتهن كلهن وكلشي ما ظل ..
اعطاني العصير واعاد لي النقود وهو يقول ..عمي هسه غسلت ايدي من دجاجكم وانوب اخذ منك فلوس هاي عيدية.....
بعد كل هذه الاعوام...
لم ار جدي ولا غيره يمسك بيده رغيف في باب امام ويوزعه في صباح عيد من اجل لا شي..
لم يعد لنا دجاج ولا بيض ولا دهن ولا غرفة نراقب منها الهلال..
لم يعد لجدي كيس نقود يعطينا منه ..
لم يعد صحن الكاظم مفتوحا مثل ذي قبل لكل من يقصده..
لم يتبق لي سوى عبائة جدي التي كان يمسح بها صحن الكاظم..امسح بها وجهي كلما حزنت..
https://telegram.me/buratha