مهاباد ؛ شهور من حلم الانفصال..!
محمد علي السلطاني
لم تحدثنا المصادر التأريخية أن ثمة دولة كردية مستقلة نشأت في التاريخ ، عدى بعض الامارات الصغيرة المتناثرة هنا او هناك، مستقلة تارة واخرى تتبع الدولة التي تئسست فيها، اذ بقي الكرد مكونأ اساسيأ ومهمأ من مكونات الدولة التي يقطنون على اراضيها، شأنهم في ذلك شأن باقي المكونات التي بمجموعها تتكون شعوب المنطقه ، ولو امعنا النظر في الموقع الجغرافي لتواجد الاكراد، لوجدنا ان ذلك الموقع يقع بين ايران من جهة (الدولة التي تشير المراجع التاريخية انها تكونت من اتحاد القبيلتين الكبرتين الفارسية والميدية وكلاهما اريين فاطلقو على بلاد فارس فيما بعد تسمية ايران)،و الدولة العثمانية التي تطلق على الكرد تسمية اتراك الجبل من جهة اخرى، اضافة الى التواجد في كل من العراق وسوريا، فلا وجود لدولة كردية مستقلة بين هذه الدول الاربعة.
اما مايشاع عن الدولة الميدية والايوبية بأمنها كانتا دولتين كرديتين، فهذا لم تؤكده الحقائق والمنقولات التاريخية ، ففيما يخص الميديدون فهناك اعتقاد لدى بعض الاقوام كاالاكراد واللر بأن جذورهم ميدية، وهو اعتقاد لم يرقى الى الحقيقة والثبات من قبل المختصين في هذاالشأن
،وبهذا لايمكن اعتبار ان الدولة الميدية هي دولة كردية سيما بعد اتحاد الميديين مع الفارسيين وتكوين دولة ايران،
اماالدولة الايوبية فهي دولة اسلامية بأمتياز، تشكلت في مصر وامتد نفوذها ليشمل الشام والحجاز واليمن واجزاء من المغرب العربي، عليه وبناء على ماتقدم يتضح لنا عدم تأكيد وجود دولة كردية مستقلة في هذه المنطقة على الاقل ذكرتها المدونات التاريخ، اذ من المعلوم ان ظروف المنطقة وطبيعتها الجيوسياسية لا تسمح بتقسيم دولها وزعزعة استقرارها.
لكن ومع بداية القرن الماضي، اخذت روح الانفصال والنزعة الاستقلالية بالنمو، سيما عندما توفرت بعض الظروف الخارجية التي دعمت وغذت هذا الشعور، بغية تفكيك دول المنطقة التي في الغالب تظم مكونات من اعراق مختلفة اندمجت وانسجمت مع بعضها بمرور الزمن لتشكل فسيفساء بلدانها ، وبدعم من الاتحاد السوفيتي السابق اعلن القاضي محمد استقلال مهاباد في شمال غرب ايران معلنأ انشاء جمهورية مهاباد، التي سرعان ماسقطت على يد شاه ايران بعد مضي احد عشر شهرأ من اعلانها، بعد ان تخلى الاتحاد السوفيتي عن دعمها ، الامر الذي ادى في النهاية الى اعدام مؤسسها القاضي محمد ومجموعة من رفاقة.
وفي العراق البلد الذي يعد فيه الاكراد احد اهم مكوناته، يتمتع هذا المكون خصوصأ بعد عام 2003 بأمتيازات لا نظير لها في دول المنطقة، بل حتى في العراق نفسه لا يتمتع الشيعة وهم المكون الاكبر بمثل مايتمتع به الاخوه الكرد، فمن حكمأ ذاتيأ، وميزانيه مجزية من الحكومة الاتحادية، الى بناء قوة عسكرية وتمثيل ومناصب في اعلى مستويات الدولة ، اضف الى الاحتفاظ بمنصب رئيس الجمهورية، وغيرها من الامتيازات المهمة ، مع هذا كله،
لكن وللأسف الشديد نلاحظ روح الانفصال والنزعة الاستقلالية على اوجها، فلازل الاقليم يبعث بأشارات سلبية للعاصمة، فمن تملصه المستمر بتسديد مابذمته من مبيعات نفط الاقليم الذي يعد ثروة وطنية مشتركة، الى محاولاته التوسعية على حساب جغرافية المكونات الاخرى، الى مايجري من اطماع على محافظة كركوك بهدف الانفراد بثرواتها، الى غيرها من الاستفزازات، كلها رسائل مفادها ان الاقليم سائر بأتجاه الانفصال، سيما وان هذا المشروع تدعمة دولة احتلت ارض وهجرت شعب ومصيرها سيئول الى الزوال، فمن يدري لعل الايام ترينا مهاباد اخرى، لكن هذه المرة ليس في ايران بل في كردستان العراق.
https://telegram.me/buratha