ضياء المحسن
منذ بدأت الأزمة بين الدولتين، بسبب خروج الأولى من إتفاق 5+1 والأمور بينهما تتطور بتسارع لا يشبهه، إلا تسارع الأحداث التي سبق ضرب الولايات المتحدة للعراق ربيع عام 2003، والتي انتهت بسقوط نظام صدام؛ وإحتلال العراق من قبل الولايات المتحدة.
الملاحظة التي نسجلها هنا، هي أن الولايات المتحدة لم تستند في حربها ضد العالم الى قرارات مجلس الأمن الدولي، وهو الأمر الذي يحدث هذه المرة أيضا.
فهل يعني أن طبول الحرب تدق هذه المرة أيضا، وبدون تفويض لضرب الجمهورية الإسلامية؟
قد نكون من القلة المتفائلين بشأن عدم حصول مواجهة بين الولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية، ويعود هذا التفاؤل لعدة أسباب يأتي في مقدمتها، شعور الدولتين أنهما وسط منطقة ملتهبة، إذا ما اشتعلت فيها النار سوف تمتد الى أبعد من مكان إندلاعها، ثم أن هناك أصدقاء لدى الطرفين، قد يصيب هؤلاء الضرر بصورة او بأخرى جراء هذا الفعل، بما يؤكد لنا أن قرار الحرب لن يحصل لا الان ولا في المستقبل القريب أو البعيد، ناهيك عن أن تصريحات أغلب المسؤولين في الجانبين (الأمريكي والإيراني) تؤكد الى عدم الذهاب لإعلان الحرب بينهما.
إن قرار الحرب هذا لو حصل، لن يقتصر على هاتين الدولتين، بل سنشهد حرب عالمية ثالثة، ومع ذلك فإننا نشهد حربا من نوع أخر، حرب لا يتم فيها إستخدام الطائرات والقنابل بأنواعها، بل هي حرب إقتصادية بما يملكه كل طرف من أدوات يستطيع من خلالها التأثير على الطرف الأخر وحلفاؤه الذين يتمترسون خلفه ومعه، حيث شهدنا الحظر الإقتصادي الذي فرضته الولايات المتحدة على زبائن النفط الإيراني، وتبعه الحظر على قطاع البتروكيمياويات، في المقابل فإن إيران أخذت باستخدام ورقتها الضاغطة ألا وهي مضيق هرمز الذي يقع أغلبه في حدود مياهها الإقليمية، من ثم فإن حلفاء الولايات المتحدة سيتضررون أكثر مما يتوقعون حمول الفوائد المتواخاة من فرض الحرب على الجمهورية الإسلامية.
الورقة الأكبر التي تلعب بها الجمهورية الإسلامية ضد الرئيس الأمريكي ترامب تحديدا، هو محاولة ترشحه لفترة ثانية، وهو الذي انتقد تدخل الرئيس بوش في حربه ضد العراق، وحتى في برنامج الإنتخابي، أكد كثيرا على انه لن يرسل الجنود الأمريكان للحرب، فلم يبق إلا أشهر قليلة أمام الرئيس الأمريكي حتى يبدا حملته الإنتخابية، وهو لا يريد تشويه صورته أمام الناخب الأمريكي، والتي تؤكد أنه لا يحبذ الحرب، ولن يقاتل نيابة عن الآخرين.
لو سلمنا بصحة الكلام السابق، ما هي السيناريوهات المقبولة عمليا؟ وما هي فرص نجاحها، مع الضغط الكبير والأموال التي يسيل لها اللعاب، التي يضخها أمراء الحرب في الخليج؟
لا أحد ينكر أن الولايات المتحدة تعد أكبر دولة مدينة في العالم، فهي تعيش عن طريق جلب اموال الآخرين، لتضخها في إقتصادها حتى ينعم المواطن الأمريكي بمستوى المعيشة الذي نراه اليوم، لكن هذا لا يعني عدم وجود محددات تعترض القرارات المصيرية ومنها قرار الحرب، لذلك فإن الرئيس الأمريكي يلعب لعبة (العصا والجزرة) مع أمراء الخليج؛ في محاولة منه لنهب ثروة الخليجيين من بيع النفط، والتي هي تعمل في الإقتصاد الأمريكي، من خلال تخويفهم من البعبع النووي الإيراني، وفي المقابل فهو يرسل إشارات واضحة للإيرانيين بأنه لن يحاربهم لا اليوم ولا غد، أما الإيرانيون فهم يتمسكون بقراراتهم والتي تعتبر أن محاولة لي الذراع التي تستخدمها الولايات المتحدة لن تفلح معهم، وأن أفضل طريق لحفظ ماء الوجه؛ هو عودة الولايات المتحدة للجلوس الى طاولة المفاوضات بدون شروط مسبقة.
https://telegram.me/buratha