قاسم العبودي
أستيقظت شعوب العالم فجر يوم الخميس ٢٠ حزيران على حدث مدوي ، أقلق العالم بأجمعه ،ألا وهو أسقاط طائرة التجسس الأمريكية غلوبال . نعم في خطوة بالغة الشجاعة والأقدام قامت ثلة من شباب الحرس الثوري بأسقاط مباغت لأقوى طائرة تجسس في العالم ، التي أشرفت على تصميمها وكالة ناسا للفضاء ، وزودتها بتقنيات تفوق حتى المقاتلات الأخرى من أمثال أف ١٦ وغيرها .
بنظرة سريعة للأحداث يرى المتابع للشأن الأيراني ، أن الجمهورية الأسلامية أكثر بلد بالعالم تعرض الى مظلومية العقوبات الدولية ، وبالتالي تكون الجمهورية الأسلامية البلد الوحيد الذي يستطيع المناورة ، وأبعاد شبح العقوبات بشكل ملفت للنظر . وهذا لم يرق لذائقة ترامب وحلفائه من أعراب الخليج.
السؤال الذي نحب أن نطرحه هو لماذا تراجع ترامب في اللحظة الأخيرة بعدم مهاجمة الجمهورية الأسلامية ؟؟ ولماذا تراجع أيضا ، بالموافقة على الحوار بدون شروط مسبقة ؟؟
أن هول الصدمة التي تلقتها حكومة الولايات المتحدة الأمريكية ، وسقوط طائرتها التي تعد أكثر طائرات العالم ذكاءا وتقنية ، قد ضيقت أفق مستشاري دونالد ترامب وجعلتهم يستفيقون على قوة وجهوزية أيران الحقيقية التي كانت غائبة فعلا عن تصوراتهم القاصرة .
في نفس يوم سقوط الطائرة ، وبعد أجتماع مجلس الأمن القومي الأمريكي ، سافر وزير الخارجية على عجل بأتجاه دولة الصهاينة ، لأستطلاع الجبهة الصهيونية اللبنانية في حال توجيه ضربة أمريكية على أيران ، فوجدها خاوية تماما . لم يمكث سوى ساعتين أثنين فقط في ( أسرائيل ) .
كان هذا السبب الأخر الذي جعل ترامب وفريق عمله التريث وعدم أرتكاب أي حماقة ، قد تطيح بما تبقى من هيبة الولايات المتحدة التي ذهب نصفها مع سقوط الطائرة غلوبال .
تحجج ترامب بسقوط طائرته الذكية بأن سقوطها قد يكون خطأ أرتكبه أحد ما في لحظة أنفعالية ، متصورا أن دولة مثل أيران بها من ينفعل ويتصرف بشكل فردي ! لا يعلم أن هذه الدولة قد بنيت بشكل لا يقبل الخطأ البتة . أما سبب قبوله الحوار بدون شرط أو قيد أعتقد في إكثر من سبب . نعتقد أن الخسارة الفادحة التي سوف تمنى بها مصالح أمريكا في المنطقة ، علاوة على هيبتها الدولية ، هي وراء ذلك التراجع . ناهييك عن دخول أوربا على خط الأحداث ، وأرسالهم المبعوثون الأوربيون للضغط بعدم خروج أيران من الأتفاق النووي سبب آخر لقبول الولايات المتحدة الحوار بلا شرط أو قيد .
لكن كل هذه الأسباب ، وكل هذا التراجع لم يثني أيران الأسلامية عن شرطها الوحيد ، الذي هو رفع العقوبات والعودة الى الأتفاق النووي . أتوقع أن أوربا ستضغط على أمريكا بالعودة الى الأتفاق النووي ، ورفع جزئي للعقوبات الأمريكية ، وتفعيل القوانين الأوربية الأقتصادية بأتجاه أيران ، في محاولة لثني أيران عن مهلة الستين يوما التي منحتها لدول خمسة زائد واحد . الآن أصبحت الكرة في الملعب الغربي ، خصوصا بعد أستعراض القوة المهيبة للجمهورية الأسلامية التي مرغت أنف ترامب في الوحل .
اليوم فريق باء الرباعي الذي كان يدق طبول الحرب ، ويمني النفس بالخلاص من أيران أعتكف مكتفيا بالنظر فقط . لايجرؤ ذلك الفريق الخبيث ، ولايستطيع الأدلاء حتى ولو بتصريح بسيط . كل الأمور تسير وفق المنظور الأيراني لحد الآن . أتوقع أن تكون هنالك تنازلات أمريكية قادمة للخروج من نفق اللاحرب التي وضعت أمريكا نفسها مرغمة بوساطة أوربية .
على كل حال أنا أعتقد أن ترامب لأول مرة في حياته يتصرف بذكاء ، وخصوصا أنه ليس رجل حرب بل رجل مال وأقتصاد ، وهو على أبواب أنتخابات قادمة .
ــــــــــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha