احمد لعيبي
كان صوت المارة عاليآ في كراج السيارات الذي توجهت له منذ ساعات الصباح الاولى صوب دائرة الضمان الاجتماعي لتجد لها مكانآ في اقصى تلك السيارة التي كان يصيح سائقها (نفرين طالع ..)
وما ان تحركت السيارة حتى شدها صوت المذياع لحوار في تمثيلية صباحية اعادها الى ايام حفرت على خد ذاكرتها ..كان الحوار يقول ..(كم اشعر بالفخر ..للاولاد الذين لم انجبهم منك قبل ان احبك واستشهد ..!كانوا جميلين مثلك ..لكنهم يتامى في مخيلتي ..)..
تذكرت حمزة وعصف في بالها كل شئ حدث بينهم في خمسة اشهر من قصة حب مجنونة عندما وقف امامها اول مرة في السوق وقال لها (كنت احسب نفسي جبلا حتى وقفتي الى جانبي فصرت تلآ وانت سلسلة جبال)
تذكرت كيف قالت له
(ها يالمسودن ..المسودن ..ها..ها..وادركت في ما بعد انه هو المسودن حقا )
تذكرت عندما قال لها(كثيرا ما كان يؤلمني قلبي فاضع يدي عليه ..إلا الان ..
اخشى ان اضع يدي على قلبي وانت نائمة فيه..
اخشى ان تستيقظي ..!)
كان الشارع طويلا والسيارة تتوقف في كل دقيقة لصوت يصيح (نازل..نازل..نازل)
وتذكرت حوار حمزة في اخر لحظات الالتحاق للجبهة وهو يقول لها(..كنت اعلم اني ساموت شهيدا
عندما شعرت اني احبك بكل هذا الجنون..الوطن وانت كل املك في هذه الدنيا ..فلا تحزني ان غادرتك بسرعة الموت صوب الله ..)
انزلتها السيارة على مقربة من دائرة التقاعد وكانت النسوة يتجمعن مثل الفراشات السوداء بعضهن بعمر الورد امام تلك الدائرة وهنا تذكرت وبكت انه قال لها (انا اخاف عليك ان تخرجي من البيت ..كون البيت يصير سيارة من تقضين مشاويرك كي لا تغادريه)..
كان حمزة مجنونآ بحبها ..وقف بوجه كل شئ من اجل وجهها..وارتبط بها رغم جنون الحب والحياة ..
وترك الحب وذهب للحرب التي لم يعد منها لدارهم بل عاد الى حيث علي بن أبي طالب..
حمزة الذي لا يملك في الدنيا سوى قلب امرأة وارض ليست ملكه ..استشهد برصاصة عندما انقذ طفلة في الموصل نادته من بعيد...عمو..عمو..هذا الداعشي المسودن يريد ياخذني ..كانت ظفائر تلك الصغيرة تلوح لحمزة من بعيد وكان كذلتها تشده لها وهو يرى ملامح تلك الصغيرة تشبه ملامح انثاه..
وضع الصغيرة على كتفه وعندما امطروه بالرصاص وضعها بحضنه فاستقبل الرصاص وحمى الصغيرة
التي وصلت الى اهلها بعد ان صد حمزة عنها خمس رصاصات كانت احداهن في قلبه...
حمزة نزف كثيرا قبل ان يستشهد في طريقه للمستشفى واخبر صديقه ان يخرج هاتفه من جيبه ويكتب رسالة الى حبيبته بسرعة(حبيبتي ..قد تصل رسالتي اليك وانا شهيد..انا فعلا مسودن كما قلتي لي اول مرة ..لكني احبك ..والحمزة ابو احزامين..ودمي اللي غركان بيه احبك..اعلم انك لن تكوني بخير ..ولكن ستكونين بي الى يوم القيامة)..!
مع انتصاف النهار عادت الى دارها بعد ان قيل لها انها تحتاج الى تأييد يثبت ان حمزة شهيد لكي تستلم حقوقه..فقالت لأحدهم ..هلا رأيت في وجهي رجلآ ملطخآ بدمه على الساتر ...ذاك حمزة ..!!
https://telegram.me/buratha