المقالات

هل نحن بحاجة الى" قانون هاتش"

1519 2019-06-30

شذا الموسوي / برلمانية سابقة

 

قطعت الكتل السياسية وعدا للشعب من خلال التصويت على المادة 58 من قانون الموازنة بانهاء المناصب بالوكالة بنهاية شهر حزيران 2019، وها قد حل هذا الموعد دون ان تفي الكتل بوعدها –كما هو متوقع-. وبدلا من ان تسارع هذه الكتل بتفادي تقصيرها ووقف التكالب على المناصب والمغانم والالتفات الى حاجات الشعب الملحة والضرورية، عمدت الرئاسات الثلاثة الى اصدار قرار بتأجيل حسم تلك المناصب الى تشرين الثاني المقبل هربا من الازمة التي تشهدها الدولة العراقية جراء العجز عن تنفيذ ذلك الوعد، وهو اجراء يفتقر الى الدستورية والجوانب القانونية، حيث ان الغاء فقرة من قانون يستلزم تعديله بقانون بديل وقراءته بقرائتين اولى وثانية ثم التصويت عليه في مجلس النواب.

ان هذا الاجراء ليس الاول من نوعه التي تشهده الحياة السياسية في الدولة العراقية بعد 2003 والتي اتسمت بضعف سلطة القانون، وغلبة التوافق والمصالح الحزبية والشخصية على الدستور والقانون و المصالح العليا للبلاد، والالتفاف والتحايل على الشعب، والتغطية على المخالفات والجرائم صغيرها وكبيرها لتمشية الاوضاع والحفاظ على ديمومة السلطة، وهو ان كان يعبر عن شيء فهو يعبر عن حالة الانسداد السياسي التي تعيشها البلاد بسبب سيطرة الاحزاب على مقدرات البلاد وابتلاع الدولة بكافة سلطاتها، التشريعية والتنفيذية والقضائية، وهو واقع مر جر البلاد الى الويلات، وسينهي حالة الشرعية التي يتمتع بها النظام العراقي في الاوساط الدولية .

صحيح ان الشعب العراقي عاجز عن احداث التغييرسواء بالطرق السلمية او بالقوة، وهو ما تدركه القوى السياسية جيدا، لكنه سيدفع العراقيين الشاعرين بالامتعاض والاستياء من الاوضاع المتردية الى الاعتماد المتزايد على القوى الخارجية المتربصة بالسوء للعراق والعراقيين من اجل الخلاص من هذا الواقع المر، فيتكرر السيناريو السابق الذي توج في 2003 بالاطاحة بنظام صدام حسين الغاشم على يد المستعمر الامريكي. فهل هذا ما تريده احزابنا الغراء؟

وبالعودة الى الخرق القانوني الذي تنوي الرئاسات الثلاث القيام به، اود التنويه الى ان الاسلوب الذي اختارت الكتل السياسية ان تحل به ملف المناصب بالوكالة وهو اسلوب المحاصصة المقيتة، والاتيان بالشخصيات الحزبية لمليء تلك المواقع بشكل دائم سيودي بالبلاد الى ما لا يحمد عقباه، وتجارب الدول التي سبقتنا في هذا المضمار (اي ربط الوظيفة العامة بالاحزاب واعتبارها حصصا للاحزاب السياسية الفائزة بالانتخابات) كانت نتائجها كارثية على تلك الدول. وما التجربة الامريكية ببعيدة عنا حين اغتيل الرئيس الامريكي العشرين جيمس جارفيلد سنة 1881 على يد شخص من حزبه كان قد وعده بالتعيين كسفير في فرنسا اذا ساعده في حملته الانتخابية، لكنه لم يستطع الايفاء بوعده ، فما كان من ذلك الموظف المخدوع الا الترصد للرئيس واغتياله بعد ستة اشهر فقط من توليه الرئاسة انتقاما لنفسه. هذه التجربة المريرة قادت الحزبين الامريكيين الى اعادة التفكير بربط الوظيفة العامة بالولاء الحزبي، وتوجت تلك الصحوة بتشريع "قانون هاتش" عام 1939الذي يمنع الموظفين الحكوميين في الحكومة الفيدرالية من الانخراط في النشاطات السياسية.

متى ستدرك الاحزاب العراقية التي تقود الدولة انها لا يمكنها الاستمرار بهذا النهج، وان عليها ان تتخلى عن عنجهيتها لصالح الشعب والوطن، وان تلتزم ولو بالحد الادنى من قواعد ادارة الدولة والحكم الرشيد، وهو امر سيصب في مصلحتها بالنهاية كون قيادة دولة قوية فعالة وشعب راض خير الف مرة من حكم دولة ضعيفة لا هيبة لها بين الدول، وشعب ساخط ناقم، يتطلع بحقد وضغينة الى ما بيد الاحزاب واتباعها وينتظر ساعة الخلاص ولو على يد الشيطان نفسه.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك