ا.د.ضياء واجد المهندس
لم تحظ مدينة في التاريخ ، بمثل ما حظيت به بابل ، بل ان مدينة ( الجنائن المعلقة ) كما كانت تسمى، و رائعة التخطيط و العمران ، جعلها قبلة للطامعين فيها من اجل جمالها و غلتها و امكانياتها وارثها....
فيها شرعت القوانين ، و نظم التعليم في حجرات المعابد ، و انشئت المعسكرات للتدريب ، و المصانع لتطوير الاسلحة ، فطورو ا الرماح و مواد السيوف و اخترعوا العجلة و العربة ، و استخدموا العربات في نقل الجنود و المؤن ، و خصصوا مراكز للتطبب و العلاج، ودور للتشاكي ، و خانات للرسم و التماثيل ، و سوق للمقايضة و عرض البضائع .اشتهر البابليون في تخطيط المدن، وفي تصميم قنوات الري و البزل ،و في تصميم شبكات الصرف الصحي .لروعة بابل و جمالها ، استقر بها الاسكندر المقدوني بعد ان جاب الارض طولا" و عرضا" ،و يقال انه تزوج من بناتها...لبابل شهرة فاقت الارجاء ، فهي المدينة التي اسقطت دولة اليهود، الذين كانوا يعترضون قوافل التجارة البابلية مع الفراعنة ، و كانوا يقمون بالقرصنة ما لم يدفع لهم التجار البابليين ، و اجتاحتهم جيوش بابل المتطورة لتدمرهم و تسبيهم ب (مئات الالوف على اقل تقدير بعض المؤرخين و الى بضعة ملايين على تقدير مؤرخي اليهود )،و تجعلهم خدما" في بابل ، ولازال اليهود يكنون لبابل العداء ، و يصنفون جزء كبير من تاريخهم و تاريخ انبيائهم بفترة ( السبي البابلي ) ....
الان بابل اصبحت مدينة الارث العالمي ، بعد ان تم تسجيلها على قائمة التراث العالمي ، و هذا يعني ان بابل اصبحت من مشتركات التاريخ العالمي و من الموروثات التي يجب استدامة المحافظة عليها وعلى مكتنزاتها ...قال لي مؤرخ امريكي: ان المخفي من تاريخ البابليين اكبر بكثير من المكتشف ، وان الحروب في المنطقة ، و تجاهل الحكومات في كشف الموروث البابلي ، كان من اهم الاسباب في عدم الكشف عن ابداعات و انتاجات هذه المدينة بحضاراتها .. فما اكتشفوه في الفلك و مواقع النجوم ، و من مواد و مركبات العلاج من الاعشاب ، و براعتهم في الفن و الادب و الفلسفة يجعل تجديد و تكثيف حملات التحري و الاستقصاء عن الموروث البابلي و اتنقيب عن مخطوطاته و انتاجاته و مقتنيات ملوكها واسلحتهم و اثاثهم امرا مطلوبا من البابليين قبل حكومة بغداد ...
على نخب و كفاءات بابل ، ورجال اعمال بابل ، التوجه صوب خلق بابل مدينة السحر والجمال، قبلة للسياحة والارتياد، والذي يتطلب اعداد بنى تحتية ، و استثمارات عقارية ،و ابنية سياحية، و مجمعات فندقية ، و مجمعات ترفيهية ، و مدينة مصغرة لبابل القديمة و لجنائنها المعلقة ، و مراكزها و معابدها و مراصدها الفلكية و خانات الطبابة و الاستشفاء...
لقد منحنا العالم فرصة اخرى ، بعد الاهوار لكي ننطلق في خلق نموذج سياحي قد يساعد في ادارة اقتصاد بابل و ينمي عجلة السوق فيها ..اتذكر ذات مرة قال لي امريكي : انهم انتجوا حضارة للعالم بدأها اجدادنا منذ ٥٠٠ سنة ..قلت : علي ان اصحح ، لقد اكملوا اجدادك ، ما بدأه اجدادنا قبلهم ب ٧٠٠٠ سنة ...وان كنت لا تعرف الاشوريين او السومريين او الكلدانيين او البابليين ، وان كنت لم تقرأ عن لكش او كيش او الوركاء، فاسال عن بابل ...
قالت لي ذات مرة مهندسة معمارية مولعة بالتاريخ حد الولوج فيه كنت اسميها ( مادلين سيدة الطين ): ان كهنة معابد بابل يقولون : ان روح بابل تبقى هائمة في سمائها ، حتى ترى من ابنائها من تمنحه القوة و الشجاعة والجراة و الايمان بالرب ليحكمها ..ان مدينة الشمس والماء والارض الطيبة و الخضرة ستبقى لاخر الزمان ، ياقوتة المدن ...
https://telegram.me/buratha
