لاشك ان في عقد الاتفاقيات الدولية تحرص كل دولة على كسب أكبر قدر من الفوائد التي تخدم في المجال الإقتصادي والأمني والسياسي، إلا اننا في العراق يوم بعد آخر تظهر حقائق ذو عواقب وخيمة على البلد، وما هذه العواقب إلا لسوء الإدارة والتخطيط، وإنعدام وجود استراتيجية أو رؤية مستقبلية، مما يجعل القرار ضد مصلحة البلد بدلا ان يكون لصالحه، ونذكر منها جولة التراخيص النفطية التي أثارت ضجة حينها، واعفاء البضائع الأردنية من الرسوم الكمركية في منفذ طريبيل، ولم تكن اتفاقية العراق والكويت آخرها !!.
وما المادة الرابعة عشر من اتفاقية التجارة الحرة بين الكويت والعراق، التي اقتضى بموجبها فتح الأراضي العراقية أمام ميناء مبارك لنقل البضائع من الصين وجنوب شرق آسيا الى آسيا الغربية وأوربا وشمال أفريقيا وبالعكس، معفية من الرسوم الجمركية والضرائب كما في بنود قد سبقتها، والتي يتوجب على الحكومة ان تهيئ نعش يليق بجثمان الموانئ العراقية التي قتلتها هذه الاتفاقية !!، لإنها وببساطة تنعش ميناء مبارك الذي لم يكن له وجود على الخارطة حتى الأمس القريب، وتشل حركة الموانئ العراقية التي تقصدها السفن العملاقة من شتى دول العالم منذ عشرات السنين.
ولمناقشة بعض بنود الاتفاقية التي لا نستبعد انها وقعت تحت ضغوط دولية، أو ربما جاءت بطرق ملتوية، ما هي إلا استكمالا لطريق الحرير الذي يربط آسيا باوربا وافريقيا، والتي لم تمكن عبور أي شاحنات عراقية من خلال أراضينا الى بلد ثالث إلا من خلال منفذ عرعر الذي يربط العراق بالسعودية، ولا نحتاج الكويت في هذه الحالة ولم يكون ولن يكون لها اي دور، وما الفقرة التي نصت على "ان يعمل الطرفان المتعاقدان على تسهيل دخول شاحنات البضائع لكلا البلدين، بما في ذلك العابرة والمتجهة الى طرف ثالث، ويلتزم الطرفان المتعاقدان على تذليل العقبات التي تواجه الشاحنات العابرة لكلا البلدين في أراضي البلد الآخر وتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل بينهما"، حيث يجب التوقف عند هذه النقطة خصوصا وان الكويت ليس لها حدود برية إلا مع السعودية والعراق، فهل من الممكن ان تنقل بضائع من السعودية التي تربطها بالعراق حدود برية من خلال الكويت ؟!، ومن الواضح للعيان لم تكن هذه الاتفاقية إلا لتفعيل ميناء مبارك على حساب الموانئ العراقية، والتي يتم فيها نقل البضائع من الكويت الى أي بلدا ثالث عبر الأراضي العراقية، وتكون معفية من الضرائب والرسوم، وان تكون الشاحنات وأصحابها ضمن نظام التأمين الذي يدفعه العراق في حال التعرض للحوادث او ما شابه ذلك !!.
هذه الاتفاقية أشبه بـ (مسمار جحا) التي يعرفها الجميع، تمد فيها الكويت خطوطها الإقتصادي مع دول العالم من خلال الأراضي العراقية، وبنفس الوقت تقضي فيها على الاقتصاد العراقي.
وأخيرا السؤال الذي يطرح نفسه، هل من المعقول ان تعمل الكويت على توقف الموانئ العراقية ونحن من يساعدها بنقل البضائع من ميناء مبارك الى الدول الأخرى ؟!!، وهل من المعقول ان نثقل كاهل المحافظات العراقية بإعباء أخرى تضاف الى اعباءها جراء مرور الشاحنات على طرقها العامة ؟!، كأن تكون في خلق زحامات مرورية وتدمير الشوارع التي هي في حالة يرثى لها الآن.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha