محمود الهاشمي
حاولت إن أجد صيغة أتعامل بها مع واقع (التظاهرات) التي دعا لها (تيار الحكمة) أمس الجمعة ، رغم المطالب الواضحة من القريب والبعيد بالكف عن ذلك، باعتبار انهم جزء من العملية السياسية وتأريخها وإن ينضموا إلى قاعة التفاهمات مع الكتل السياسية الأخرى، بدلاً النداء بمطالب بح صوت الشعب والمراجع منها!
لاشك ان (النقد) الذي سبق التظاهرة وأعقبها كان (متوقعاً) فالأعداد التي خرجت والأسباب التي خرجت من اجلها وتأثير ذلك على الشارع العراقي، ونظرة العالم لهذا الإجراء، جميعها حضرت وأشرت إن رجال السياسة في العراق هم في (وهم) او أنهم قاصدون لتسفيه التجربة السياسية في بلدهم!!
هذا ليس الأجراء الأول الذي هو محط نقد قاس بل العديد من هذه الممارسات قد سبقت ذلك ، وندم بها من شارك ومن راقب ومن غاب، فما الفرق بين الدعوة إلى (الاستفتاء) التي لم يتبق احد لم يقدم النصح إلى السيد مسعود بارزاني من داخل البلد وخارجه، لكنه اصر على إجرائه، وكان ما كان من توابعه، مع الفارق الكبير بالأهداف بين الممارستين !!
في اليوم الذي خرجت في التظاهرة كانت قطعات الحشد الشعبي تتعرض إلى قصف إجرامي، ومعلوم من قام بهذا الفعل، فقد كشف فيدو التخابر بين قائد قوات الانبار وعميل الاستخبارات الأمريكية ذلك، في ذات الوقت كانت قواتنا الأمنية مستنفرة لعملية عسكرية كبرى امتدت لثلاث محافظات لتصل إلى إطراف بغداد هذا اليوم السبت لملاحقة التنظيمات الإرهابية والقضاء على فلولها وهذا يحتاج الى تغطية إعلامية واسعة، وليس إلى ممارسة نشاط لا طائل منه إذا لم اقل انه عاد بالسلب على دعاته..
إن كل القادة الذين اعتمدوا هذا المنهج في ترقيع فشل التجربة السياسية بقماش الاعلام والرايات واللافتات وانتهوا بأول صدمة واجهتهم لانهم لم يستمعوا إلى (صاحب الرأي الحكيم) وإنما أحاطوا أنفسهم بنخب من محترفي التزلف يصنعون من خرق الفشل أقوالا وأكاذيب لا طائل منها .
السؤال: هل جلس وجهاء الحكمة وتحاوروا بجد قبل وبعد الدعوة للتظاهر وبماذا ختموا جلساتهم؟
لا شك أنهم شطبوا على كل رأي منعهم من التظاهر في الجلسة الأولى وشتموا كل من خالفهم في الجلسة الثانية بعدما حملوا (أطرافا) مسؤولية (الفشل) فيما انبرى (كتابهم) في تقييم (النجاح الكبير) الذي تحقق بعد التظاهرة مدعين انه رسخ (مبدأ المعارضة) فصفق الجميع وخرجوا بانتظار نشاط اخر! الأحزاب والتيارات الحيوية هي التي تقيم تجربتها بعد كل حدث، وتستمع الى وجهات النظر المختلفة ثم تنطلق الى ميدان العمل ثانية!
إنا اقرأ يوميا من خمس الى ست ساعات عما تصدره مراكز الرأي في العالم، ويوفر لي عملي العشرات من الدراسات باختلاف الآراء والتطلعات، وأركز على الدراسات التي تصدر عن الدول الناجحة في تجربتها سواء كانت مع او ضد، و أجد كيف يستفيد السياسيون ورجال الاقتصاد وبقية العلوم من استشارات هذه المراكز، بحيث أنهم أمام حزمة من الحلول والمقترحات، ليختار المناسب، فيما ليس فيها إلا ما يعبر عن مصلحة البلد ، حتى وان كانت من وجهة نظرنا فيها ضرر على الأمم الأخرى.
اسأل لو إن العراق قام باحتجاز ناقلة نفط بالخليج لسبب او لأخر، كيف سيتعامل السياسيون مع الحدث؟ أنهم سيصطرعون على ظهر الناقلة ويدمي احدهم الآخر، وسوف يكون تأثير عائلية الناقلة ولأي جهة احد أهم الأسباب لهذه الخصومة، أما الإعلام العراقي فسيكون جزء من هذا (الصراع) وينتهي الأمر بخسارة مادية وسياسية...
لاحظ كيف يدير الإيرانيون ملف (الأزمة مع أمريكا) مع أنهم من (بلدان العالم الثالث) وتجربتهم السياسية حديثة وجديدة بحيث لم تسبقهم تجربة في مثيلاتها ليستفيدوا منها وخصمهم امريكا بكل جبروتها وعظمتها، واستطاعوا وفق إستراتيجية سياسية وإعلامية ان يكونوا موضع احترام العالم !! ولم اضرب مثلا بتجارب الدول الكبرى مثل الصين وروسيا وأوربا واليابان!!
لاشك في إن العراق يحوي من الطاقات المبدعة ما يؤهله ان يحرق المراحل، وان يلحق بركب الدول المتقدمة، سواء من اللذين هم داخل العراق أو خارجه، وأرى في بلدي مشروعاً سياسياً واقتصادياً كبيراً ، واعلم أن التجربة السياسية الحالية ليست (صنع في العراق) إنما دخلت على سبيكتها معادن مختلفة...
إنا أثق بالعراق كثيراً ، وما زلت أراه متميزاً على اقرأنه من العرب أو سواهم ..أرض خصبة وماء وفير وزرع وكنوز في الأرض والجبال ، وموقع متميز وتأريخ عريق وشعب مبدع .
https://telegram.me/buratha