المقالات

فوضى "السيستاني"

1471 2019-07-21

جواد أبو رغيف aburkeif@yahoo.com

 

مفهوم الفوضى الخلاقة الذي طرحه وزير الخارجية الأمريكي  السابق "هنري كيسنجر" في سبعينيات القرن المنصرم،لم يكن نتاجاً فلسفياً خالصاً لـ كيسنجر أو من مخلفات أفكاره،بقدر ما هو "صياغة نص"،لواقع ومتغيرات تعرضت لها الشعوب،بعد نهاية الحرب العالمية الثانية،نتيجة  أنظمة "الوصاية" أو "الانتداب" التي فرضتها الدول الغالبة على الدول المغلوبة.

فوضى كيسنجر فعلت،كفعل "حشرة الأرضة" في منطقتنا العربية،فقد آتت على ذلك الجسد المحتضر على مدى قرون،لترديه طوداً أجوفا خاوياً يعاني "الزهايمر"،لا يد تصول ولا بصر يطول.

 لتدخل الأمة في نفق مظلم طويل،أصابها بيأس شديد بدده خيط ضياء في نهاية النفق،لأقلية معارضة صامته في غاية الرقي،اتخذت من الصمت كهف لها،ودانت لأغلبية الأمة،لكنها تعلم أن الطريق ليس الطريق،فدفعت ضرائب كثيرة وهي صامدة على مدى قرون أربعة عشر.

قبل عقد من الزمن أعيد أنتاج الفوضى الخلاقة تحت مسمى رومانسي "الربيع العربي"،فترنحت أنظمة وبان خوائها رغم تسلطها الطويل على مقدرات الشعوب،فقد كانت في واد والشعوب بآخر!.

استهدفت خلال الربيع العربي طاقات الأمة ودول الممانعة،فيما تركت "بقرة الأمة"بعيداً عن شرارة ذلك الربيع،ولأسباب بات يدركها ابسط مواطن عربي،فحروب أمريكا التي تخوضها ضد العرب تكاليفها من "ضرع بقرة الأمة"!.

سيناريو العراق كان مختلف،فقد طبخ على عجالة،خشية تجاوز سقف "صف القرن"،فلم يُقدر وجود المرجعية الدينية ودورها وسط "الرأي العام العراقي"،فدخلوا العراق دون استشارة العم "سام".

عندما حُذر "بوش" الأب من وجود عقدة المرجع "السيستاني"،قال: أعطوه أموال.أجابوه انه يملك مليارات ويسكن الإيجار ،وأمرته تطبخ له!!!،قال : لا اعرف... اوجدوا معه حلاً.

مع وطء أقدام جنود " المارينز" ارض " بلاد النهرين" وتنصيب "بريمر" حاكماً مدنياً على العراق،أصبح صراع الأمر الواقع بين الحاكم والمرجعية،وكان صراعاً في غاية الحكمة من جانب المرجع الكبير،الذي طالب في استفتاء عام،رداً على محاولات بريمر كتابة دستور على غرار الدستوري الياباني الذي كتبه الجنرال الأمريكي "مارك آرثر" عام (1945)، ولازال نافذاً!.

تحجج بريمر بوجود مناطق ساخنة،طالب المرجع بـ "الجمعية الوطنية"،لتمثيل جميع المكونات العراقية.

استمر صراع الطرفين،أثناء كتابة الدستور،فدعت المرجعية الى "نظام برلماني" وليس "رئاسي" لضمان عدم تغيير النظام السياسي ،لإمكانية تغيير الأنظمة الرئاسية بسهولة،كما حدث مؤخراً في مصر،فعملية تغيير الأنظمة الرئاسية،لا يحتاج سوى إلى دعم خارجي وجنرال يقرأ بيان رقم (واحد).

لم ينجح المشروع الأمريكي في العراق لحد اللحظة،بوجود المرجعية الواعية،ما اغضب أمريكا،فسعت إلى معاقبة الشعب العراقي.

في سيناريو على غرار أفلام "هوليود"،دخلوا "رعاة الإسلام" الموصل،بشعار "باقية وتتمدد"!.

تهلل وجه صانع القرار الأمريكي فرحاً،بعدما خطط لمذابح العراقيين عدة عقود.

انتفض مرجع الأمة من محرابه،فأعلن "فوضى خلاقه" أنتجت وحدة وطن وشعب، أعادت روح النصر بعد هزيمة لتطرد "خفافيش" الظلام إلى جحورها.

فشتان بين فوضى كيسنجر التي دمرت البلدان والإنسان،وفوضى الأمام "السيستاني" التي قدمت أعظم قوى حشدية في القرن الواحد والعشرين،حفظت بلدان المنطقة من تداعيات خطيرة، لذلك علينا استثمار تلك القوى الحشدية والدفاع عنها من محاولات تجري في الخفاء لتفتيتها.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك