كندي الزهيري
نقوم عادة بتصنيف الأشخاص إلى مبدئي و مصلحي (نفعي)، الحالة الأولى تكون سمة للشخص الذي تهمه المبادئ، بينما الحالة الأخرى لمن كانت مصالحه الذاتية أول اهتمامه.
في عالم السياسة فإنّ المبادئ السياسية؛ والمصالح السياسية مترابطة ولا يمكن الفصل بينها، وتتغير بحسب الزمان والمكان، “فالمبادئ هي مجموعة الأهداف والقواعد والأسس التي تتحدد على أساسها السياسة”، “والمصالح هي مجموعة الأعمال لتحقيق هذه الأهداف”.
وهي تمثل الممارسات التطبيقية في العلاقات السياسية بين أي دولة والدول الأخرى، سواء أكانت هذه العلاقات إيجابية: كتوطيد العلاقات، والمزيد من مجالات التعاون بين الدول، وتوطيد فرص السلام، أم سلبية: كقطع العلاقات، أو تحجيم التمثيل الدبلوماسي، أو أعمال مثل التجسس، أو التدخل في الشؤون الداخلية للدولة الأخرى، وصور من الهيمنة والصراع، وما ماثلها من الأعمال التي تؤثر في إضعاف التواصل بين الدول.
هناك عدة مبادئ في السياسة الأمريكية منها:
مبدأ أيزنهاور:
أعلنه الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور، في الخامس من يناير عام 1957 ضمن رسالة وجهها للكونغرس، في سياق خطابه السنوي الذي ركز فيه على أهمية سد الفراغ السياسي الذي نتج في المنطقة العربية بعد انسحاب بريطانيا منها، وطالب الكونغرس بتفويض الإدارة الأمريكية بتقديم مساعدات عسكرية للدول التي تحتاجها للدفاع عن أمنها ضد الأخطار الشيوعية.
وهو بذلك يرمي إلى عدم المواجهة المباشرة مع السوفيتي وخلق المبررات، بل إناطة مهمة مقاومة النفوذ والتسلل السوفيتي إلى المناطق الحيوية بالنسبة للأمن الغربي بالدول المعنية الصديقة للولايات المتحدة عن طريق تزويدها بأسباب القوة لمقاومة الشيوعية، وكذلك دعم تلك الدول اقتصاديا حتى لا تؤدي الأوضاع الاقتصادية السيئة إلى تنامي الأفكار الشيوعية.
ولاقى هذا المبدأ معارضة في بعض الدول العربية بدعوى أنه سيؤدي إلى ضرب العالم العربي في النهاية، عن طريق تقسيم الدول العربية إلى فريقين متضاربين: أحدهما مؤيد للشيوعية والآخر خاضع للهيمنة الغربية.
مبدأ ترومان:
أعلنه الرئيس الأمريكي هاري ترومان في مارس 1947 للدفاع عن اليونان وتركيا وشرق البحر الأبيض المتوسط في وجه الأطماع السوفيتية، ودعم الحكومات المعارضة للأيديولوجيات السوفيتية الواقعة في هذه المنطقة، والهدف من هذا المبدأ هو خنق القوة السوفيتية ومنعها من التسرب إلى المناطق ذات الثقل الاستراتيجي والاقتصادي البارز بالنسبة للأمن الغربي.
مبدأ مونرو:
وضعه الرئيس الأمريكي جيمس مونرو عام 1823 وحمل اسمه، وينص على تطبيق سياسة شبه انعزالية في الولايات المتحدة الأمريكية في علاقاتها الخارجية، وظل هذا المبدأ سائدا في محدودية الدور الأمريكي في السياسة الدولية حتى الحرب العالمية الثانية في القرن الحالي حين خرجت أمريكا إلى العالم كقوة دنيوية عظمى.
مبدأ نيكسون:
أعلنه الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون في يوليو عام 1969، وينص على أن الولايات المتحدة ستعمل على تشجيع بلدان العالم الثالث على تحمل مسؤوليات أكبر في الدفاع عن نفسها، وأن يقتصر دور أمريكا على تقديم المشورة وتزويد تلك الدول بالخبرة والمساعدة.
مبدأ ويلسون:
وضعه الرئيس الأمريكي وورد ويلسون عام 1918، ويتألف من 14 نقطة، ويركز على مبدأ الاهتمام بصورة أكبر بمستقبل السلم والأمن في الشرق الأوسط، وكان هذا المبدأ ينص على علنية الاتفاقيات كأساس لمشروعيتها الدولية، وهو ما كان يحمل إدانة صريحة لاتفاقية "سايكس بيكو" التي سبقت إعلانه بسنتين، ولمبدأ الممارسات الدبلوماسية التآمرية التي مارستها تلك الدول.
كما دعا مبدأ ويلسون ضمن بنوده إلى منح القوميات التي كانت تخضع لسلطة الدولة العثمانية كل الضمانات التي تؤكد حقها في الأمن والتقدم والاستقلال، والطلب من حلفائه الأوروبيين التخلي عن سياساتهم الاستعمارية واحترام حق الشعوب في تقرير مصيرها.
كل هذه المبادئ كانت مدخل السيطرة على الشعوب وتصوير امريكا بأنها المنقذ العظيم. واليوم كشف الوجه أمريكا للشعوب ، فكيف سيكون الرد الأجيال القادمة؟،.
https://telegram.me/buratha