عبد الكاظم حسن الجابري
يبدو أن جرائم عصابات البعث وزنيمها جرذ الحفرة لا تريد أن تغادر واقعنا, رغم مرور أكثر من خمسة عشر عام على اندحار هذه العصابة.
جرائم البعث التي اقترفها وحاول دفنها من خلال اقامة مقابر جماعية مازالت تتكشف يوما بعد يوم, تتوزع على مساحة الوطن, لتضيف مأساة بعد مأساة, وتحيي شجون وأحزان نحاول أن نغادرها لعلنا نحظى بمستقبل أكثر سعادة.
أُعلِنَ قبل أيام عن كشف مقبرة جماعية في صحراء بادية السماوية في منطقة السلمان, تضم رفات سبعون ضحية من أطفال ونساء من ضحايا الكورد الفيليين, الذين قتلوا ودفنوا في ديار نائية بعيدة عن أهليهم وعن موطنهم الذي يسكنونه.
لا يمكن التبرير لهذه الجريمة بأي شكل من الأشكال, وحتى لو فرضنا – وفرض المحال ليس بمحال- أن هؤلاء النسوة والاطفال كانوا يرومون الانقلاب على الحكم, فهل كانت هذه الوحشية في التعامل معهم مبررة؟ِ
الحقيقة أن جرائم صدام وعصابته البعثية, وخصوصا تجاه المواطنين العزل, وتجاه النساء والاطفال, ومن دون أدنى ذنب, لا تنم إلا عن طبيعة إجرامية دموية مدمرة تعد ميزة للنظام الذي حكم العراق لأكثر من خمس وثلاثين سنة.
كما قلنا لا يمكن تبرير هذه الأفعال والجرائم مطلقا, لكن للأسف نرى أن هناك جيلا نشأ ولم يطلع على سالف ما قام به البعث, وراح ينساق وراء الإعلام المغرض, ليردد عبارات ممقوتة بالقول "قبل كان افضل" و"علواه على زمن صدام".
الحقيقة إن من يردد هذه الترهات يعد شريكا في الدماء التي سفكت على يد الطاغية, وإلا ماذا يقول لهذه الطفلة التي وُجِدَتْ عظاما ولم يبقى منها شاهدا سوى نعلها الصغير, الذي بقي شاهدا على المجزرة؟ وماذا يقول لتلك الفتاة التي رفضت أن تموت إلا وهي بكامل عفتها ووقارها؟ حيث وجد رفاتها ومازالت ربطة الرأس تغطي جمجمتها الكريمة.
إن المقابر الجماعية التي تُكتشف يوما بعد يوم, لهي دليل صارخ على بشاعة المجازر التي قام بها المجرم الجرذ وعصابته, وهي دليل على شدة اجرامه.
هذه المقابر التي وجدت يجب أن تكون محركا للمشرع العراقي, لسن قوانين تضمن عدم عودة المجرمين إلى المواقع الحكومية, فالبعثيون هم كغدد السرطان التي تستفحل شيئا فشيئا لتقضي على الانسان في النهاية, وكذلك لابد أن يُلزم المشرع بتوثيق هذه الجرائم وادخالها في المناهج الدراسية, ليطلع الجيل الجديد على جرائم تلك الحقبة, وكي لا يقول أحدا بعدها "لو باقين على قبل احسن"!
https://telegram.me/buratha