المقالات

البدوقراطية؛ حيث الأَضداد تنتج الأضداد..!

1852 2019-07-31

علي عبد سلمان

 

المشهد السياسي في العراق، بحكامه ومحكوميه، تتسيده الوقت الراهن ثلاثة مظاهر هي: تغليب الطائفية السياسية على مشروع الدولة الحديثة؛ وفوضى الجمهور، وعدم تكون العملية السياسية على أسس المواطنة. فالعراقيين بكل تنويعاتهم المكوناتية المتمحورة حول القومية أو الدين أو الطائفة أو القبيلة، تتقاذفهم لعنة الحرية، والواقع يؤكد على نمط هجين من أنماط الحكم، يمكن أن نطلق عليه "البدوقراطية"! هذا المصطلح الجديد المنحوت على حد تعبير أهل اللغة من كلمتي البداوة والديمقراطية، وهو يُعبر بشكل دقيق عن أزمة العراق السياسية المستدامة، ولكن السؤال الأهم هل يمكن الجمع بين البداوة والديموقراطية؟ في بلد يبدو كل شيء في مباحا، وحيث نمط التفكير البدوي في التعامل السياسي لا يكتفي بتهديد الديموقراطية، بمعناها الحديث، بل يهدمها. فلا الدستور أنتج استقراراً، ولا التوافق السياسي قادر على حل ألغاز هواجس الطوائف التي تنامت مخاوفها على الذات ومن الآخر، بشكل ملحوظ منذ العام 2003، أي لحظة دخول العراق في غابة الذئاب، حيث تنامى الجنون السياسي بين أطراف المعادلة المأزومة أصلا! وحيث الأَضداد تنتج الأضداد، وحيث اتسعت دائرة التضاد والإِضداد بمشروعاتها الداخلية والاقليمية، وحيث تحولنا جميعاً الى كتل صماء منعزلة عن بعضها البعض، وحيث العنف السياسي ينتج العنف المجتمعي وحيث لا تفسير منطقي للفوضى المتفاقمة على وقع الاصطفاف خلف هذا الزعيم أو ذاك، وحيث لا ضوابط تكبح هدم الدولة، التي تحولت الى مؤسسات فردية/ طائفية وحيث لا وجود لرجال دولة، قادرين على تحديث المؤسسات وتذرير الخطاب الطائفي وحيث سياق واحد يطغى على القيادات السياسية: تناقض الأجندات، وطغيان لغة العنف اللفظي، وبين هذين المعطيين، يغيب الحوار وتدخل البلاد في دائرة من الأزمات الدورية، أقل ما يقال عنها إنها تدميرية، تحديداً على مستوى الشرخ العمودي الذي أحدثته. وحيث ينبغي أن نعترف بأن العراقيين لم يتخطوا حتى الآن الانتماءات الفرعية ، بكل امتداداتها المناطقية والمؤسساتية والاقليمية، وحيث كل نقد لأي زعيم محسوب على أي طائفة، يبدو كأنه يهدد هرمية الطائفة... فأي ديمقراطية نتحدث عنها؟
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك