جواد أبو رغيف aburkeif@yahoo.com
كشفت التجربة المصرية بعد "الربيع العربي" ثلاثة أنواع للمعارضة السياسية.
(المعارضة المستأنسة)،وهي معارضة يقطع لسانها المناصب والمصالح. لذا فهي لا تلعب دوراً في أصلاح النظام السياسي.
"المعارضة المستمرة"،وهي معارضة من اجل المعارضة، وهي عبارة عن صوت احتجاجي صرف، ومشكلة بعض الممثلين لتلك المعارضة، هي إفلاسهم على المستوى الفكري كما التنظيمي، فهم يحتجون ولكن لا يطرحون بدائل واقعية، يدعون إلى البناء لكن لا يملكون أدواته.
يستغل بعضهم الأحداث السياسية الراهنة لإحراج النظام، ولو على حساب الوطن أو الدولة!.
لا تكمن أزمة هذا النوع من المعارضة في كونها غير بناءة، وإنما في كونها أيضا منفرة ومستفزة لقطاعات واسعة من الناس، والمفارقة هي انه رغم ما يبدو عليها من "راديكالية"، فهي سبب رئيس في دعم شرعية نظام يراه الناس أفضل من مجموعات "فوضوية" لا خبرة لها ولا منطق.
(المعارضة الإصلاحية)،وهي المعارضة التي تسعى إلى تقديم سياسات بديلة عن تلك التي تختلف معها،وهو أمر لا يمنعها من تأييد ما تتفق معه. فهي معارضة تفهم أن لا تغيير دون صناعة بدائل تنظيمية تعبر عن مطالب المجتمع،لذا فهي تسعى للتكتل والاشتباك مع الواقع السياسي،واستحقاقاته المختلفة،بهدف كسب مساحات جديدة بشكل تدريجي.
وبالرغم كونها أكثر حماية للدولة، لكنها الأخطر على النظام "الحكومة"، لأنها ببساطة تسعى إلى أن تتحول إلى بديل قادر على منافسته أو أصلاحه، وليس بالضرورة إلى إسقاطه.
عادة ما يصنع النظام طبيعة معارضته، ويشكلها كما تسعى هي إلى تشكيل النظام.
والسؤال الكبير الذي يتبادر في ذهن الرأي العام العراقي هو هل تسعى حكومة الدكتور "عادل عبد المهدي" الى تشكيل معارضة تخدم الحكومة حتى لو على حساب الدولة و الكفاءة أم يقف في مواجهة ذلك ؟ وهل الجمهور مقتنع بدعوات المعارضة الإصلاحية التي يقودها "تيار الحكمة"؟وأين تصنف تلك المعارضة مما تقدم؟!
لا احد يستطيع أن ينفي "الكارزما" التي يتمتع بها السيد "عمار الحكيم"،وعمقها ألعلمائي والاجتماعي في أوساط المجتمع العراقي، فهو ينحدر من أسرة مرجعية حركية، لامست الهم العراقي منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة،ولم تبتعد يوما عنه.
لتلك المعطيات،نحن نعتقد بجدية ومصداقية الحكيم في دعواته الإصلاحية، بيد أن تلك الدعوات تحتاج أسباب وأدوات يقف في مقدمتها "يسوعيون" يمتلكون صفات مثالية تؤهلهم لقيادة مشروع المعارضة الإصلاحية، وهذا ما يفتقده التيار حالياً.
فقد شكل "منهج الإزاحة الجيلية" الذي قاده بعض "الدنگ" بحسب وصفهم ، وهم عصبة لا تتعدى أصابع اليد الواحدة، "منتفخة فكرياً" دون ركيزة معرفية حقيقية على مدى سنوات، وهي اليوم تشكل هيكل التيار وحاجز حقيقي بين القائد والأتباع!، "بيئة طاردة"، للكثير من الكفاءات والإمكانيات المؤمنة بمشاريع التيار، وتوجهاته في تحقيق دولة مدنية تحفظ فيها الحقوق وتصان الكرامات.
دعوة صادقة أن "يراجع التيار ولا يتراجع"، فكرة المعارضة بدءاً من شعارها الضيق " لن نرضخ" إلى الشرنقة المحيطة التي تشكل عامل منفر للجمهور بمجرد ظهورها، وان ينزل من "برجه العاجي"،ويتلمس الواقع فالمخلصين تجرعوا "الخيبة" فلا تسقوهم الانكسار!.
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha
