علي المؤمن ـ النجف الأشرف - 1 / 8 / 2019
الى أبناء وطني البغداديين والمصلاويين والأنباريين..
بعضكم وليس كلكم؛ ينبغي أن تقرأوا تاريخ العراق وتتعلّموا جغرافيته، قبل أن تسخروا من الشروگي وتهمشوه، وتنبزوه بأنه هندي وفارسي وغجري، وأنه نموذج التخلف الثقافي.
إن خطابكم العنصري الطائفي الإقصائي يتعارض مع حقائق الديمغرافيا والتاريخ والانثروبولوجيا العراقية، ومع حقائق تشكّل الأمة العراقية العظيمة.
الشروگي هو العراقي الأصيل، أي السومري الذي أسس العراق من جنوب الفاو وحتى جنوب الأناضول في عهد سرگون الأكدي، قبل أن تتأسس مدنكم بمئات السنين، وقبل أن تفدوا لتسكنوها.
الشروگي هو الذي أسس أول إمبراطورية في بلاد الرافدين.. عندما كنتم قبائل متناحرة خارج بلاد الرافدين، سواء كنتم تركستانيين أو قوقاز أو عرباً أو فرساً.
الشروگي هو الذي اخترع الخط وعلّم العالم الكتابة، واخترع العجلة، وتخيّل غزو الفضاء، قبل أن تتعلّموا العيش في الحواضر.
الشروكي أول إنسان في العالم يبني التجمعات السكانية الحضرية والعمارات ذات الطوابق، و يخترع أحدث وسائل الري وهندسة المدن.
الشروگي أول من كتب المدونات الملحمية بلغة سومر العراقية قبل الفرس واليونانيين والرومان والصينيين واليابانيين والمايا، يوم كنتم تتكلمون بلغة تركستان والقوقاز وفارس وجزيرة العرب.
الشروگي هو العبقري الأول في هذا العالم، وهو نواة الحضارة والثقافة والمدنية في الكرة الأرضية، وهو عماد الأمة العراقية التي ينبغي إعادة تشكيلها.
ألفت أنظاركم الى أن المادة البشرية المؤسسة للعراق الطولي العمودي ( بين النهرين) وأمته العراقية الأصلية تتألف من الشروگيين السومريين والبابليين والفيليين و الكلدانيين والآشوريين .
أما من سكن بعدهم العراق، كالفرس والعرب والكرد، ثم الترك والقوقازيين والأقوام العثمانية، فقد وفدوا بعد تأسيس العراق وتشكيل الأمة العراقية ( أمة مابين النهرين).
خطابي يشملني أيضاً، فأنا عربي هاشمي من آل علي بن أبي طالب، وفد أجدادي الى العراق، لكن الفرق بيني وبين من يزدري الشروگي ويظلمه ويهمشه، هو أنني أعرف قدر الشروگي العراقي الذي احتضنني و أكرم وفادتي، ونسي مافعله به أجدادي خلال غزواتهم وحروبهم.
ولذلك، لي الفخر والشرف أن استحيل واحداً من الشروگیین السومريين.. أهل أعظم حضارة، و الذين قبلوا بنا بينهم.. بعد أن دخلنا اليهم غزاة أو مهاجرين أو باحثين عن العمل والمال والأرض الخصبة والمياه العذبة والمدنية والتحضر؛ فأكرمونا وأعطونا أراضيهم وصاهرونا، بل ارتضوا أن يذوبوا بقبائلنا العربية، ويحملوا أسماءها، وأن يتركوا لغتهم العراقية ويتكلموا بلغتنا العربية، و يتركوا دياناتهم ويتدينوا بديننا.
فهل هناك تحضر ومدنية وعقلانية وأخلاق وكرم وتسامح ونخوة وشيمة وفضل أكبر من هذا؟!
فلا تسخروا من الشروگي المؤسِس الذي أوجد لكم كياناً اسمه العراق، وقبَل بوجودكم على أرضه، ورضي أن تكونوا جزءاً من مجتمعه، بل ارتضى أن تكونوا حكاماً عليه طيلة مئات السنين.
جزاؤه أن تعظموه وتكرموه وتعيدوا إليه هويته التي استلبت منه قسراً أو برضاه، وتضعوه في موضع السيادة التي يستحقها، لا أن تكونوا أنتم الحكام وأصحاب الوطن طيلة ١٣٧٠ عاما، وهو الغريب والمهمش.
___
https://telegram.me/buratha
