محمد علي السلطاني
تعد كرة القدم اللعبة الأكثر شعبية بين شعوب العالم اليوم ، فلم تعد مجرد لعبة يتنافس على فوزها فريقين ، بل تعدى الامر ذلك بكثير، حتى أمست لهذه اللعبة ثقافة ولغة تفهمها وتتحاور بها الشعوب على اختلاف السنتها، واستمر التطور في هذا المضمار فأضحت موردأ وعصبأ اقتصاديأ كبيرأ ومتشعبأ ، شيدت لها مرافق متخصصة وعمرت لأجلها المدن وبثت مئات الفضائيات نشاطاتها حول العالم، وبيع لاعبيها بأغلى الاثمان.
وكنتيجة طبيعية لذلك تدخلت السياسة إلى حد كبير في جزئيات هذه المنظومة الرياضية الضخمة ، وشكلت الاتحادات الدولية وتدخل المال السياسي في رسم سياسة هذه اللعبة العالمية وتوجيهها ، وتحشيد الرأي العام العالمي تجاهها، بغية ارسال رسائل سياسية متعددة للشعوب والانظمة، وبذلك تحولت هذه المنظومة الرياضية الكبرى الى كرنفال مزجت به الرياضة والسياسة والثقافة والاقتصاد، واخذت الدول تتنافس على احتضان هذه الاولمبياد ، بأستعدادات وتحضيرات تظهر للعالم ثقافة وعادات وقيم الدولة المضيفة للعالم، وهذا ما شهدتاه في أولمبياد الصين وجنوب أفريقيا حيث عكست تلك الاولمبياد ثقافة وفنون تلك الشعوب، فلم نلحظ أن قلدت شعوب الغرب الشعوب الشرقية أو العربية في احتفالها، بل كانت الهوية الوطنية والثقافية متجلية في شتى الكرنفالات الافتتاحية على اختلاف بلدانها .
استبشرنا خيرأ عندما تقرر استضافة العراق لبطولة غرب آسيا 2019 ، الذي تقرر افتتاحه في ملعب كربلاء المقدسة، كربلاء التي تحمل الارث والتاريخ والثقافة والعلم، كربلاء التي تتوسط حضارة سومر وأكد، وبابل واشور، كربلاء التي تتربع على عرش حضارة وادي الرافدين، كل هذه المعاني والاعتبارات ضربها القائمون على إعداد حفل الافتتاح عرض الحائط،
حتى بحثنا عن ثقافة وحضارة العراق في حفل الافتتاح فلم نجد سوى نشيدأ وطنيأ عزفته راقصة مستأجرة من الشام ! ! ،
في اقدس بقاع الأرض ، في أرض يتبرك المؤمنون بالسجود فوق تربتها ،ويخلع الملئ نعليه مرتعدأ من هيبتها ، ارضأ يحج أليها الملايين يلوذون شفاعة بمن رقد في حضرتها ،
لقد قدم حفل الافتتاح صورة مشوهة عن كربلاء وعن أرض الرافدين، في مشهدأ انتهكت فيه قدسية المدينة وخدشت فيه مشاعر الملايين ، وترك جدلأ واسعأ كشف بجلاء مستوى تأثير ونجاح الحرب الناعمة في اذهان الجمهور ، فبات المدافعون عن الرقص فوق أرض كربلاء بحجة الانفتاح والمدنية حالة تستدعي الوقوف والترجمة ،
لقد كان التنظيم بهذه الكيفية امرأ مبيتأ ، فالمنظمين لم يأتو من بلد آخر يجهل مكانة كربلاء في قلوب العراقيين، وبروفات الحفل اجريت عشرات المرات، ومجلس المحافظة واللجان المشرفة كانت على اطلاع ولم تحرك ساكن، فخدعة المدنية حرب ناعمة تنطلي على الكثير، فهي تلبس الباطل لباس الحق بدهاء وحيلة، فأشرب القوم العجل في قلوبهم ! وبات التنافس للدفاع عن المشهد الراقص برهان لإثبات مدنيتنا المزعومة !!؟
نقول أن كربلاء المقدسة هي قدس اقداسنا ،وأن ماحدث كان استهدافأ مقصودأ، وجه اهانه لعشاق هذه الأرض، وعكس صورة مزيفة من العراق للعالم، ونحن كجمهور نرفض ولن نسمح بتكرار ذلك في كربلاء، وفي الوقت ذاته نطالب الحكومة والبرلمان ان يتخذ الموقف المناسب تجاه هذه القضية الحساسة التي سببت ارباكأ ولغطأ شعبيأ واسعأ .
https://telegram.me/buratha