باقر الجبوري
للاسف ؛ كثير من الناس بات جاهلا حتى بعلمائه وبتاريخهم وجهادهم في الوقت الذي يتحفونك بقصص جهاد جيفارا وماو سي تونغ وغيرهم من قادة الغرب ومفكريهم .
وفي المقابل توقفت عقولهم عن النظر الى تاريخهم المعاصر ورؤية ما فيه من الرجال القمم، فلم ينصفوا بكلامهم من يستحق الانصاف، وللانصاف فنستذكر اليوم ذكرى وفاة احد أؤلائك الافذاذ وهو العالم والمرجع الاعلى للطائفة/ اية الله العظمى ... السيد ابو القاسم الخوئي
المرجع الذي انيط له حمل ما عجزت حتى الجبال ان تحمله من مسؤلية قيادة الحوزة العلمية بعد وفاة المرجع الاعلى للطائفة السيد المحسن الحكيم (طيب الله ثراه)، فكان كالطود الشامخ بتحمل تلك المسؤلية طيلة اعوام حكم البعث بكل مارافق تلك الحياة من شقاء وهم من تحجيم أدوار ومحاربة دين ومذهب وتهديد شخصي وعام.
تلك الأعوام التي مرت على السيد وهو في أعلى قمة الهرم في الحوزة العلمية كانت تمثل في خطورتها على الشيعة وعلى المذهب وعلى الاسلام خطرا يوازي في خطورته خطورة الحكم الاموي والعباسي وما رافقهما من أحداث فضيعة . بل اتعس واعتى من كلا الحكمين في آن واحد . وما مر على الاسلام بشكل عام وعلى التشيع بشكل خاص من مآسي توازي ما رآه الشيعة في كلا الحكمين إذا ما استثنينا واقعة كربلاء من القياس .
سنين طويلة وهو يفرض على نفسه التقية تارة وتارة أخرى الوقوف بحزم ضد بعض ارادات البعث ومطالبه الفاسدة حفاظا على دماء المسلمين وحفاظا على الدين والحوزة وهذا ما لايفهمه الا القلة من أصحاب العقول والتدين.
وللاسف فنفس الاقلام التي انتقدت السيد على تقيته حفاظا للدين لم تنصفه عند تغير الاحوال في انتفاضة عام (1991) والتذكير بدوره في الانتفاظة وحفظ المصالح العامة .
فلما كان الواجب يملي عليه دورا اكبر من دور القيادة الدينية ونقصد دور (الولاية العامة) بعد ان تزعزعت أركان النظام العفلقي في (1991) بسبب خروجه مهزوما من الكويت رأينا السيد وهو يقدم كل ما لديه للثورة والانتفاضة فأمر بانشاء حكومة مصغرة من العلماء في النجف لادارة شؤون المناطق المحررة من النظام العفلقي للحفاظ على النظام وعلى المال العام ولها اتصال وتواصل مع معظم المحافظات الجنوبية من خلال وكلاء السيد ومعتمديه.
ولعل هذه الحادثة هي احدى أهم الامور التي دفعت بقوات التحالف الامريكي بتغير سياستها مع اللا نظام واعادة دعمها لصدام وزمرته الطاغية للقضاء على الثورة .
فهم ل ايتحملون حكم شيعي ثاني في المنطقة يحمل نفس مفهوم الجمهورية الاسلامية الايرانية ورؤاها فجائت الاوامر بامداد صدام بالسلاح والسماح لطائراته بقصف الجنوب وقمع الانتفاضة تحت انظار العالم اجمع .
ولم يكن مستغربا ان يتوجه اللانظام بعد أستقرت اركانه ليلتفت أولا لمرجعية النجف والقضاء عليها متمثلة بالسيد الخوئي رحمه الله كونه الوحيد الذي تصدى للوقوف بوجه البعث وكيف لا وهو من انشاء نظام داخل اللا نظام .
فدفع السيد ثمناً غاليا مقابل ذلك الموقف وتلك الفتوى من دماء أبنائه الابرار وطلبته الاخيار ومقلديه الاحرار .
نحمد الله ...
أن التاريخ حفظ لنا كيف وقف السيد الخوئي رحمه الله بعز وشموخ وهو يخاطب طاغية زمانه حينما ساله عن حاله ساخرا مستهزأً (( ها سيد شلونك هسه ))
بعد ان جاؤا به أسيرا من النجف الى بغداد مع ولده العلامة المجتهد السيد الشهيد محمد تقي الخوئي وهو بأشد حالات المرض والانهاك وبعمره الذي جاوز التسعين عاما ...فرد عليه (ارى الموت والموت يراني)
فكنى الطاغية بالموت دون خوف منه او وجل أو لعلمه بغباء وسفاهة الطاغية وجهله بابسط مفردات اللغة العربية وعندما ساله عن رايه في الانتفاضة قال مقالته المشهورة ؛(انهم غوغاء)..!
ولشدة غباء الطاغية الذي ذكرناه فلم يفهم الكلام الذي قصده السيد من العبارة والتي تعني (ثورة الجياع)؛ نعم ... فهم القائد الضرورة معناها..ولكن بعد فوات الاوان
فدفع السيد الخوئي كما ذكرنا لاجل كل هذه المواقف بخيرة ابنائه من اولاده واقربائه وطلابه وكل مريديه شهداء في سبيل القضية على يد جلاوزة اللانظام من العفلقية الكفرة ومن لم يفارق الحياة تحت التعذيب او في الاعدامات كانت تنتظره حوادث السير المفتعلة على طريق كربلاء كما حدث مع نجله الشهيد سيد محمد تقي الخوئي والشيخ الغروي والشيخ البروجردي رحمهم الله بواسع رحمته.
للاسف ان نرى الكثير يغيب هذا التاريخ فيختصر حياة السيد بكلمة ولد وعاش وصار مرجعا ثم انتقل الى رحمة الله
الخوئي .. قائدا ومرجعا وأستاذا وحافظا للحوزة
السيد الخوئي ... لايختصر حتى بالف كتاب وكتاب
فهنيئا له يوم ولد
ويوم مات
ويوم يبعث حيا
https://telegram.me/buratha