أحمد كامل عودة
في الظاهر تبدو المعاناة منهكة تماماً للعوائل التي يمرون فيها، فتراهم محرومين من أبسط مقومات حياتهم اليومية، وعندما تراقب حياتهم تتذكر معاناة اغلب العراقيين أبان عقد التسعينات أيام الحصار الاقتصادي، فلا زالت هناك عوائل تعيش تحت سقوف من العمدِ وجذوعِ النخلِ، ولازالت هذه العوائل تفتقد لأبسط وسائل الراحة في حياتها، لكن على الرغم من ذلك فهم يحمدون الله كثيراً، ولازالت جباههم تنضح غيرة وكرامة، فهل تعلمون أن اغلب رجال الحشد الشعبي خرجوا من تلك البيوت المتهالكة، وهل تعلمون إنهم كانوا يقاتلون بشراسة لم يشهد لها مثيل، وجعلوا مقاتلي داعش يفرون منهم ويبحثون عن جحور يختبئون فيها لعدم استطاعتهم من مجابهة مثل هكذا رجال، وهل تعلمون ان هؤلاء الرجال كانوا يبقون ايام طوال دون العودة إلى منازلهم لعدة اسبابٍ، اولها عدم امتلاكهم الأموال للذهاب والإياب من وإلى منازلهم، وهل تعلمون أن اغلب التضحيات التي قُدِّمت هي من تلك المنازل، لأنهم يقاتلون كالابطال، وتجدهم دائماً في مقدمة الجبهات، فتلك المعاناة جعلتهم اكثر قوة وصلابة كشجرة واقفة وسط الصحراء، فتحملت العطش ولهيب الحرارة وعنف الرياح، وكانت ظلاً لمن تاه في واستنجد بها هارباً من قسوة الصحراء ، وأن كتب الله الحياة لهذا الشخص نسى فضل تلك الشجرة التي ساعدته في إكمال مسيرته وحياته، ولم يكلف نفسه بإيصال الماء لتلك الشجرة ولو لمرة واحدة، لتساعدها بإن تستمر في حياتها وتكون ملاذاً للتائهين.
أن ما حققه الطالب حسن محسن معيوف الابن البار للمعاناة لتلك القرية النائية، اثبت ان منازل الفقراء لازالت وستبقى تولدُ الأبطال، عندما حقق المركز الأول على العراق في الإمتحانات الإعدادية، محققاً مجموعاً عالياً كشموخ رؤوسهم التي لن تحنيها المعاناة والظروف الصعبة، كذلك فعلها الطالب احمد قاسم عباس نهير والذي حقق أمنية ابيه الذي استشهد خلال معارك شرف القتال ضد قوى الكفر والظلام، حيث كان الشهيد يتحدث مع مدير مدرسة ابنه عن امنيته الوحيدة وهي تحقيق احمد لمجموع عالٍ يضمن له مستقبلاً واعداً، وفعلاً حقق احمد أمنية أبيه ورفع رأس أبيه الشهيد، وأصبح خيرَ مثالاً يحتذى به من إدارة مدرسته او مدينته، حيث قامت إدارة المدرسة بتكريمٍ خاص ل أحمد واوصلوا رسالة للشهيد البطل ان الأمانة التي اودعتها عندنا ردت إليكم بابهى صورة.
ان أبطال المعاناة يكونون قدوةً دائمة للمجتمع، وهذا ما تحدثت عنه كتب التاريخ والسير عن الأبطال، والذين تجد أكثرهم وِلدوا من رحم المعاناة، ولم تكن المعاناة لهم سبباً لفشلهم بل كانت المعاناة لهم سبباً لانطلاقتهم نحو الأمام رافعين الغبار من اكتافهم، ومتحدين الصعاب ومتقبلين التحدي، رافعين شعار من لايقبل التحدي فهو فاشل.
https://telegram.me/buratha
