المقالات

الشباب بين الحرب والإهمال...

2473 2019-08-14

كندي الزهيري

 

لعل المتتبع لأحوال شبابنا في زمننا الراهن يعاين سلوكيات منحرفة ودخيلة تشكل نقلة نوعية وصارخة عن كل ما مضى من الأجيال السابقة.

تلاشت قيم الحياء واحترام الكبار، وانتشرت ظواهر مثل العقوق والتعاطي للمخدرات والكحول والجريمة بشكل ملحوظ… وأصبح الآباء والمربون يشتكون. وحتى المؤسسة التربوية التي هي أصلا موجهة للتربية والإصلاح سادتها ظواهر الشغب والغش واللامبالاة. فأين الخلل وكيف السبيل لتقويم الاعوجاج وإصلاح ما يمكن إصلاحه؟!

لقد تعددت العوامل وراء الانحرافات الكثيرة التي أصبحت كالسوس ينخر شباب أمتنا بين ما هو داخلي وما هو خارجي من تأثيرات الإعلام والتكنولوجيا وعوامل التيئيس وضغوط وإكراهات الواقع. وهنا نؤكد أن الشباب والأجيال الصاعدة ليست دائما جانية على نفسها، بل هي أحيانا ضحية سياسات فاشلة تحاول معالجة السطح والقشور، وتترك الجوهر والجذور والأسباب.

ان من أسباب ضعف أخلاقيات الشباب في الوقت الحاضر كثيرة منها:

●إهمال اسري وعدم متابعة بشكل فكري وحضاري.

●إهمال تربوي ثقافي تتحمله المدارس والكادر التدريسي.

●ضعف اعلامي تربوي هادف إلى توعية المجتمع بخطورة الحرب التي تشن على الشباب.

●ضعف ديني وذلك بسبب عدم إقامة دوارة متكرر ومكثفة للشباب.

●الضغوط نفسية وعدم معالجاتها خاصة في مرحلة " المراهقة ".

●ضعف تخطيط الحكومة في إيجاد حل للشباب والاستفادة من طاقاتهم.

●عدم تبني مسابقات ثقافية وعلمية وترفيه للشباب.

● إهمال دور الشباب في المجالات السياسية .

●صناعة الفوارق الاجتماعية والاقتصادية.

●عدم تساوي الفرص بين الشباب .

●التحريف الديني وعدم وجود قانون اجتماعي رادع لتلك الانحرافات.

إن الاستماع للناشئة ومحاولة تفهم احتياجاتها النفسية والمجتمعية يشكل عصب العملية الإصلاحية. فالدراسة وحدها ليست على قائمة الاهتمامات بالنسبة لكل الشباب، والضغوط التي يمارسها الآباء في هذا الشأن كأن المدرسة هي قدر الإنسان الوحيد ليس تصورا سليما على الإطلاق. فطاقات الشباب لا حدود لها، فهل هيأت الجهات المعنية للشباب ما يكفي من دور شباب لتفجير الشباب لطاقاته بدل إهدارها في أشياء تعود عليه بالضرر وتعود على المجتمع بالعواقب الوخيمة؟

هل تمّ تنظيم مسابقات تقف وراءها جهات مختصة ومن خلال تخصيص جوائز تحفيزية لكشف المواهب والطاقات؟. أين دور الشباب التي ينبغي أن تستقطب الناشئة من خلال الانخراط في مجموعات خاصة والجمع بين النظري والتطبيقي..؟

إننا اليوم في أمس الحاجة ـ في ظل الحياة المركبة والمعقدة بمشكلاتها العميقة ـ إلى تخصيص مكتب استماع في كل مؤسسة تربوية للإنصات للمشكلات النفسية والاجتماعية للأطفال والشباب ودراستها، ومحاولة مساعدتهم على تجاوزها قبل أن تتحول هذه المشكلات إلى أزمات تهز كيان المجتمع برمته في ظل انشغالات الآباء وابتعادهم أحيانا أخرى بالموت او بالانفصال.

إن الهواجس الأمنية أو عناصر الردع هي حلول نهائية تأتي بعد وقوع المشكل وتفاقم تبعاته. إذن لماذا لا تكون الحلول استباقية تحاول دراسة مشاكل الشباب قبل أن تفرز نتائجها الكارثية. لقد بدأت المؤسسات التربوية تتحول إلى فضاء مأزوم سواء بالنسبة للتلميذ الذي يحس نفورا متزايدا من المدرسة كأنما هي سجن يفجر فيه السخط والغضب والشغب، أو بالنسبة للمدرسين الذين يعانون من عوامل الاكتظاظ ولامبالاة المتعلمين وتضاؤل نسبة الاهتمام والتجاوب والتفاعل بينهم. وفي غياب إحصائيات وبحوث ميدانية عن نفسية التلاميذ إزاء المدرسة، تبقى ردود أفعال كل من المدرس والمتمدرس كفيلة بإعطائنا تصورا كافيا عن الموقف السائد اليوم من المدرسة كوسيلة تهذيب وإصلاح.

فأين المؤسسات الموازية في أدوارها لدور المدرسة؟ تستوعب أعداد الشباب والفتيان في كل الأحياء ؟ ماذا تقدم لنا ـ اليومَ ـ دور الشباب التي بدأت أدوارها تقتصر على بعض العروض الثقافية القليلة والمناسبات أو تحولت إلى معارض للمنتوجات التقليدية وغابت أدوارها الأصلية التي تهم الفئات الصاعدة؟ فهل ينتبه المسؤولون والآباء والمهتمون لأدوار هذه المؤسسات والفضاءات في محاربة الجريمة والانحرافات؟

هنا والخطوة الوحيدة كانت الآمال كبيرة حين تم إنشاء عديد ملاعب القرب، أُنفقت فيها أموال كثيرة وتم إحاطتها بسياج حديدي لكن إلى أين انتهت هذه الملاعب؟ لقد تم إتلاف ذلك السياج، وأصبحت تلك الفضاءات مرتعا للإهمال في غياب التتبع والمراقبة. إننا في هذا الزمن ينبغي أن نهتم بالطاقة البشرية، أي الإنسان قبل الحجر والجماد. التنمية البشرية تقتضي مراعاة الإنسان الذي يصون ويحمي كل المنجزات التي يتم تقديمها له وتكون لصالحه. هذه هي المعادلة الصعبة التي ينبغي الانتباه لها، وإلا فالنتيجة معروفة مسبقا. فهل يعي المسؤولين ذلك؟!

واعلموا ان الشباب طاقة اما ان تستغل في بناء البلاد، أو يستغلها الآخرين من أصحاب النفوس المريضة لتدمير البلاد .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك