سعد الزيدي
منطقة جرف الصخر من توابع قضاء المسيب شمال محافظة بابل، وهي من القرب والتأثير، بحيث أن قذائف الهاون التي تطلق منها، تصيب أي مكان في قضاء المسيب، جغرافيا؛ فإن تتصل بعامرية الفلوجة من الغرب، وبعرب جبور واللطيفية في الضفة اليسرى لنهر الفرات، وفي هذه المقاربة لسنا بصدد تأثير هذا الامتداد.
ثمة تاريخ للعمل الإرهابي؛ المنطلق في التخطيط والتنفيذ من هذه المنطقة، يندى له جبين الإنسانية؛ ولا يمكن أن يتجاهله عاقل، قبل أن يكون منصف، فقد أنطلق من هذه المنطقة عمل ارهابي كبير ممنهج؛ أدى إلى ازهاق أرواح عشرات الآلاف من الأبرياء إن لم يكن مئات الآلاف، في المسيب و كربلاء والحلة وبغداد وغيرها، خصوصا زوار العتبات المقدسة، حيث كانت قذائف الهاونات تسقط كالمطر، في الساحة الواقعة في بداية طريق مسيب كربلاء، وهو بعين الوقت؛ طريق بغداد كربلاء من بِعد جسر المسيب، وكذلك السيارات المفخخة والسيطرات الوهمية في منطقة اللطيفية.
بعض الارهابيين؛ ومن المؤسف جدا هم كثر، ممن ولد وتربى في جرف الصخر، ولهم أقرباء من سكان المسيب والحلة، واصدقاء وجيرة في جرف الصخر نفسها، واصدقاء في كربلاء والمحمودية، وعلاقات نسب قريب جدا؛ اي من عشيرة واحدة وعلاقة مصاهرة، وعلاقة عمل وحدث ولا حرج من العلاقات الإجتماعية.
برغم كل هذا التواشج الإجتماعي، إلا أنه لم يمنع الإرهابيين، من ارتكاب أبشع الجرائم بالمعرف والأقارب والأصدقاء؛ وبعوائل وممتلكاتهم وبشكل متكرر، جرى ذلك ليس لجريمة ارتكبوها بحق احد منهم، أو لثار أو لسرقة اموال او غيره، مما يستوجب القتل، وكان هذا الفعل الخسيس الجبان، يجري في كثير من الأحيان، باليات التحايل مملؤة بالخسة والحقد المتراكم ، فقد كانت تلك الجرائم في حقيقتها، تعبير عن خصائص مرضى القلوب، الذين قد تجمع الحقد والغل والضغناء فيها من قبل، واندكت في ضمائرهم البغضاء، فاصبح حالة استثنائية يستحيل معالجتها .
إن العدوان والطغيان والكراهية، المستمرة بالانطلاق من هذه المنطقة، منهج يتجسد في أشخاص هنا وهناك، في هذا الوقت أو ذاك، لهذا وغيره فإن تجمع النفوس المظلمة وتمركز الظلمائية في هذه المنطقة، بحيث أصبح أهلها وسكانها الاصلين الذين يرفضون هذه الجرائم، مغلوبين على امرهم وأسرى بيد هؤلاء الدواعش وغيرهم ممن إحترف الجريمة والإرهاب.
هذه الأسباب مجتمعة؛ تستدعي من كل مواطن، قبل ان يكون قائدا في الحكومة والبرلمان وغيرها، أن يدقق في حقيقة جرف الصخر، وما جرى ويجري طوال عشر سنوات أو أكثر، قبل ان يتبنى شكوى إرهابي يرتدي ثوب الوطنية، أو أن ينطلق هو أو من يخوله او يمثله، مندفعا مع الإعلام المأجور، المضلل في تشويه الحقائق متناسيا، ما لفعله هذا الارعن (عودة الارهابين الى جرف الصخر) تحت غطاء عودة العوائل المهجرة، من آثار سلبية في إثارة الفتن والاقتتال اليومي، وهو بحد ذاته محقٌ للعدل والانصاف والإنسانية، أن تهدد من جديد حياة الملايين، وتجعلهم يعيشون حياة الرعب والخوف والإنذار، وقد تهجر آلاف العوائل من المناطق القريبة.
هنا لابد من تأكيد أمرين؛ قبل شرح دوافع ذهاب البعض من البرلمان ممثل برئيس البرلمان، مستصحبا معه بعض الأشخاص إلى المرجعية الدينية، وقبلها وبالحاح إلى محافظ بابل، وبعض أركان الحكومة العراقية ، وكذلك افتعال واستغلال موضوع الجثث في الطب العدلي في الحلة .
الأمرين هما أن تكرار الأعمال الإرهابية، التى انطلقت من جرف الصخر لم تمنع قوى الأمن، من التفريق بين الإرهابي والبريء، فلم يكن الحكم خبط عشواء، ولذلك عادت كل العوائل الراغبة بالعودة، والأمر الثاني وهو مهم استرعي الانتباه إليه، من قبل الجميع قوى الأمن وأبناء الشعب والمسؤولين، وفي محافظاتنا كافة أن المدعين بالوطنية، والحرص على جمع الشمل، هولاء يجيدون المغالطات وعملية خلط الأوراق، وإطلاق الأكاذيب تحت عناوين ومبادرات ملغومة، وفي الختام أرجو من الجميع أن تبقى جرف النصر وليست الصخر؛ ماثلة بالذاكرة الوطنية، مجسدة ذلك التأريخ المؤلم من الإجرام والإرهاب.
https://telegram.me/buratha