المقالات

الغدير مسار لإنتصار الامة...

1770 2019-08-17

الغدير مسار لإنتصار الامة...

كندي الزهيري

 

لا يمتلك المسلمون يوماً أكثر شهرة من يوم الغدير، عندما تفتش عن معناها في المعاجم اللغوية فإنك ستجد صاحب المعجم مجبراً سوف يتجه الى غدير خم ومن ثم يوم الغدير وحديث الولاية الذي قال فيه رسول الله (ص) ( من كنت أنا مولاه فهذا علي مولاه ) ، وإلتصاق الحدث باسم الغدير فأصبح اليوم الثامن عشر من ذي الحجة يوم الغدير حتى يبقى هذا اليوم في الذاكرة،ليس من السهل نسيانه وأخفاءه وهذا ما حصل بالرغم من الحملات الجائرة من أجل طمس معالم هذا اليوم ولكنه بقى كالشعلة التي يهتدي إليها التائه وسط الصحراء في ليلة ظلماء موحشة .

عندما رحل رسول الله عن دار الدنيا، كان في يد الامام علي بيعة حوالي مائة ألف مسلم، بينهم كبار الصحابة، فلم يتخلف أحد، بايعوا جميعاً الامام علي على انه الخليفة والولي من بعد رسول الله، ولكن؛ هذه الوثيقة القانونية والسياسية –إن صح التعبير- رماها الامام علي جانباً عندما انكب على نعش النبي الأكرم، وهو يبث اليه حزنه الذي لا يوصف، ثم انشغل بتجهيزه وتشييعه ودفنه.

ومن نافلة القول هنا؛ أن تشييع جنازة النبي الأكرم، وخاتم الانبياء والمرسلين، وأشرف الخلائق أجمعين، خلا من أي مسيرة جماهيرية حزينة خلف الجنازة كما هو عهدنا بمراسيم تشييع العلماء الكبار، انما اقتصر الأمر على ثلّة من الاصحاب يتقدمهم أمير المؤمنين، وسلمان وعمار وأبي ذر وأمثالهم، فيما انصرف الآخرون نحو السلطة والحكم وتأسيس انقلاب على رسول الله وخليفته الإمام علي (عليه السلام ).

 

ثقافة سياسية بين حكم الإمام علي وحكم خصومة:

 

الثقافة السياسية لن تكن كافية لاتخاذ القرار الصائب بانتخاب الحاكم، فاذا استمرت هذه التعبئة في النفوس تتحول الى تسييس، كما حصل في القبائل العربية التي بايع افرادها أمير المؤمنين، في غدير خم، ثم بايعوا ابنه الحسن، ثم بايعوا الحسين، عليهم السلام، وهذه المواقف لم تكن لتختلف عن مواقفهم وقراراتهم إزاء أشخاص مثل معاوية وابنه يزيد، عندما انتهجوا العنف والقسوة في تركيز اركان حكمهم، ولذا نقرأ فيما قاله معاوية لأهل الكوفة: بأن "ما قاتلتكم لتصوموا وتحجوا، فانكم فاعلون ذلك، وإنما قاتلتكم لأتأمر عليكم"، وعندما بايعوا ونصروا هؤلاء الحكام، بناءً على مبدأ آمنوا به، وهو مبدأ القوة العسكرية، وقوة المال، بينما الامام علي، ومن قبله النبي الأكرم، يبحثان في الناس عن الايمان بالله وبكتابه، ومديات رسوخه في النفوس.

ولعل هذا يفسّر احد اسباب عزوف الامام علي عن الحكم بعد مقتل عثمان، رغم اجتماع المسلمين من الاقطار الاسلامية كافة، وإصرارهم عليه، لانه يعرف حقيقة دوافعهم لهذا التأييد الغريب وغير المعهود بعد مرور حوالي ربع قرن (25 سنة) من حادثة السقيفة، وربما لو لم ينتهج عثمان سياسة المحاباة للأمويين والتلاعب بأموال المسلمين، ولم يرتكب ما ارتكب من الاخطاء الفادحة، وكان متوازناً في سياساته وتعامله مع الناس، لما كان التاريخ يشهد ذلك الزحام على بيت الامام علي لسحب يده ومبايعته، وهم أنفسهم ممن تخلّوا عنه بالأمس والتزموا بيوتهم في ساعات الاعداد للانقلاب على الشرعية الإلهية.

وجاء في المصادر التاريخية أن الصديقة الزهراء، سلام الله عليها، عندما طافت المدينة وطرقت بيوت المهاجرين والانصار تذكرهم ببيعتهم التي في اعناقهم لأمير المؤمنين، وما دفعهم للتخلف عنه، أجابها بعضهم: "لو جاء ابن عمك قبل هذا لقبلناه..."!

هذا المستوى الضحل من الثقافة بقي يطبع المجتمع الاسلامي آنذاك، وتجلّى اكثر عندما اصبح الامام علي، الحاكم السياسي والشرعي، وصدق ظنه بتلك الجموع التي أصرت على أن يكون أميراً فيما كان يطلب منهم ان يكون وزيراً، فقد تعاملت مع الامام كحاكم سياسي وليس كحاكم شرعي عليهم ان ينفذوا أوامره مثلما يؤدون صلاتهم وصيامهم وسائر فروضهم العبادية.

هذا النضج الثقافي هو الذي يضمن العلاقة الحسنة والمتطورة بين المجتمع والدولة، او بين الجماهير وبين الحكومة، فكلما كان النضج الثقافي والسياسي في مستوى أعلى، نرى مصاديق المشاركة السياسية والتعددية وحرية الرأي وسائر المفردات المكونة لمفهوم "الديمقراطية"، وهذا ليس كما يفهمه البعض في الوقت الحاضر، والذي يشكو الثغرات الكثيرة، وإنما الديمقراطية التي تجعل الانسان يعرف لماذا يطيع الحاكم؟ وما الذي يجنيه من وراء طاعته، وما الذي يخسره في حال التمرد والعصيان.

عندما اجتمع الناس بحشد كبير لتلبية دعوة رسول الله (ص)، فهذا الحشد الكبير بل هو أضخم حشد يجتمع في مكان صغير كغدير خم في التاريخ هو هذا الحشد ولم يبقى منه إلا ثلاث نفر ومن ثم ألتحق بهم الرابع وأصبحوا أربعة من مئة ألف وعشرون مسلم ، الجميع خانوا وغدروا برسول الله (ص) وأمير المؤمنين عليه السلام ، فهل يوجد شاهداً أعظم شهادةً في التاريخ الإسلامي أو الإنساني كيوم الغدير على غدر وخيانة الأمة لنبيها ورسولها (ص) مثل هذا اليوم فحقاً عندما سمية بيوم الغدير ، واليوم ما نشاهده من ويلات الحروب والقهر والاستبداد، الذي يعود جذوره إلى ذلك الانقلاب الأسود ،في تاريخ الأمة التي لم تدافع عن وصية رسول الله (ص) . ان إنتصار هذه الأمة مرهون برجوع إلى الطريق الذي رسمه الله عز وجل ، على لسان رسوله ،بأن سبل النجاة هوه التمسك بوصيته الخاصة في علي ابن ابي طالب عليه السلام.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك