أحمد كامل عودة
عيد الغدير لايحتاج الى مقدمات للتعريف عن ذلك اليوم العظيم، فهو معروف لدى الجميع وقد ذكر في جميع مصادر التاريخ ولجميع المذاهب ، وهو كما قال عنه الامام الرضا عليه السلام عن ابيه عن جده ((ان يوم الغدير في السماء اشهر منه في الارض )) فهو يوم تتبارك به الملائكة وتستبشر فيه ، وقال عنه الامام جعفر الصادق عليه السلام (( ان اسمه في السماء يوم العهد المعهود ، وفي الارض يوم الميثاق المأخوذ والجمع المشهود )).
ففي هذا اليوم ختمت رسالة الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وقال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز من سورة المائدة آية 3 (( اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام ديناً )) ، حيث وضع الله سبحانه وتعالى هذا اليوم في كفة امام 23 عاما قضاها الرسول صلى الله عليه واله وسلم في الجهاد بنشر الاسلام وايصال الرسالة المحمدية الى اكبر عدد من الناس واخراجهم من الظلام الى النور .
ففي موقع يقال له غدير خم بين مكة والمدينة، وحين عودة الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مع عشرات الالاف من المسلمين بعد أداء حجة الوداع، نزل عليه الوحي يتلو آيات الله المنزلة تنبأه بأمر هام وعاجل يوجب ايصاله للمسلمين، ولا يقبل التأجيل بتاتاً بل وضح له ان ذلك الامر الهام والوصية العاجلة هي التي سوف تحدد مصير الاسلام والمسلمين الى يوم يبعثون، وان لم تقرأْ وتبلغْ في هذه اللحظة على المسلمين، فستكون الرسالة غير مكتملة ولم تبلغ بتمامها للمسلمين.
وهذا ماقاله الله عزوجل في سورة المائدة آية 67 (( يا ايها الرسول بلغْ ما انزل اليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ان الله لايهدي القوم الكافرين )) ، فأن تلك الوصية لم تكن عابرة فقد دأب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم خلال حياته على توصية المسلمين بأمور دينهم والسير على نهج كتابه العزيز وعلى حب اهل بيته عليهم السلام ، لكن كان هذا اليوم مختلف تماماً فيه مستقبل أمة، وإيصال رسالة الاسلام الى يوم الدين ، فقد اتخذ الرسول صلى الله عليه واله وسلم وجعله من الامور الواجبة والركيزة الاساسية في انتصار المسلمين ألا وهو حمل الراية خلال مسيرة ومعارك المسلمين بحيث لاتعطى تلك الراية إلا من هو اقدر واعلم بتلك المهمة، واوجب ذلك على ان لاتنزل الراية مهما حدث من امر، لان المسلمين يسيرون خلفها ويهتدون بها .
فأذا كان هذا ما يوصي به الرسول صلى الله عليه وآله وسلم خلال معركة تحدث لساعات قليلة فكيف يترك الرسول صلى الله عليه وآله وسلم راية الاسلام دون ان يوصي بحاملها بعد وفاته ، وما يحمل ذلك الشخص من صفات تحدث عنها الرسول خلال حياته ( رجل يحبه الله ورسوله ) يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وكان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم شديد الحرص في الحفاظ على رسالة الإسلام بعد وفاته من الضياع والتشرذم، وعدم وقوع امر المسلمين بيد السفهاء من الناس، وقليلي العلم والدين والذين لايفقهون تفسير القرآن ولايفرقون بين ظاهره وباطنه .
ان يوم الغدير هو العيد الأكبر وسمي بذلك لان في ذلك اليوم يحتفل المؤمنون والمحبون لآل البيت ولا احد سواهم ففي هذا اليوم يؤكد المسلمون سيرهم على نهج النبوة والالتزام بالوصية الالهية من عدمها والتي نزلت في ذلك اليوم المشهود .
https://telegram.me/buratha
