أحمد كامل عودة
يروى ان عنترة ابن شداد كان من الفرسان الشجعان والذين ضرب بهم الامثال منذ قديم الزمان لشجاعته النادرة ، فضلاً على انه من شعراء المعلقات ، واشتهر بشعر الفروسية ، والعنترة اسم اشتق من الشدائد والشجاعة في الحرب ، وهو من قبيلة بني عبس ويقال كانت امه حبشية عشقها شداد فتزوجها ، وكانت قبيلته تستنجد به حين تعرضها الى غزو من القبائل الاخرى ، وعندما يكونوا في مأمن ينعتونه بأمه ، ويصفونه بعدم انتمائه لهم ، وعندما يغزون القبائل الاخرى يضعونه في المقدمة ويسيرون خلفه ، وعند تقسيم الغنائم لا يعطونه حق الحر ويمنحونه كما يمنحون العبد .
قصة عنترة ابن شداد تكاد مقاربة بعض الشيء للحشد الشعبي ، والذي في حينها وصلت داعش الى اعتاب بغداد وكاد كل شيء ينتهي خلال ساعات ، حيث تساقطت فيها المدن العراقية بشكل متسارع ولا يصدق ، فتركت الاسلحة والاعتدة وصارت بيد داعش ، وكانت نكسة لاتغتفر عندما استعرض داعش بأسلحة الجيش العراقي ، لكن بعد صدور الفتوى المباركة في اليوم المبارك وفي المدينة المباركة تحشد الناس من كل حدب وصوب ، وبدون سابق انذار وبدون تدريب وبأسلحتهم الخاصة ، وتشكلوا على شكل فصائل والوية ، لذلك اطلق عليهم اسم قوات الحشد الشعبي ، وساروا شمالاً وغرباً ، وهم يغربلون كما تغربل الخيول في الميادين ، وحققوا الانتصارات واعيد تأهيل صفوف القوات المسلحة حتى تحقيق النصر واعادة الاراضي العراقية بوقت قياسي وبأمكانيات شعبية بسيطة اعتمد جلها على تبرعات الشعب العراقي ، وكان هذا النصر هو مفخرة للعراقيين الشرفاء ، ورسالة لدول العالم ان العراق قوياً بأرادته ،وهو يحارب نيابة عن كل العالم ضد قوى الارهاب ، وكان الجميع يتغنى بتلك الانتصارات ، والقنوات الاعلامية تمجد بما حققته قوات الحشد الشعبي ، وجميع المحللين السياسيين كانوا يتمنون فقط التقاط الصور مع قادة الحشد ، ليوصلوا رسالةً انهم شاركوا في عمليات التحرير ، بالإضافة الى ان جميع السياسيين تجدهم يتوافدون على مآتم شهداء الحشد الشعبي .
وبعدما انجلت الغبرة ، وعاد الامن للمناطق العراقية سرعان ما بدأت تتغير المواقف شيئاً فشيئاً ، واضحى ذلك الحشد العراقي حشداً ايرانياً عميلاً يقاتل بالنيابة عن ايران ، وتلك الاسلحة التي تكونت بفضل اموال الشرفاء ، هي اسلحة تهدد المنطقة ، وامسى الحشد الشعبي عالة على العراق ، ولايمكن له ان يستمر او يبقى !
وعوائل شهداؤه لازالوا يدورون بين الدوائر لإستحصال حقوقهم ، وجرحاهم يلتمسون من المسؤولين الذين بكوا عليهم في يوم من الايام ان يوفروا لهم العلاج وتوفير العيش لهم ولعوائلهم .
وبعد ان حقق الحشد الشعبي انتصاراً وخزوا به عيون الدول العظمى الذين عجزوا عن مقاومة الارهاب ، صار لزاماً على تلك الدول تفكيك الحشد الشعبي ، واعادة رسم مايخططون له في المنطقة ، وتلك كانت غاية في نفوس الكثيرين منذ بدء تشكيل الحشد الشعبي خلال الفتوى المباركة ، وتسطيرهم اروع المشاهد في الايثار والشجاعة وهم يتسابقون لنيل الشهادة ، واثبتت تلك المشاهد رعباً في قلوب الكثير من الذين ينصبون العداء للعراق وشعبه ، ومثلت اسرائيل موقف الدولة الامينة التي تخاف على استقرار المنطقة وهي ترتعش من ايران ، وتدعو امريكا الى ضرب مصالح ايران في المنطقة وتلقي التهم هنا وهناك على بعض الفصائل العراقية بالولاء لإيران ، وبعد ان القوا ضرباتهم في سوريا ولبنان وجهوا فوهات اسلحتهم الى مخازن اسلحة الحشد الشعبي بحجج انها اسلحة ايرانية تهدد سلم المنطقة ، ولا نعرف لماذا تلك النظرة التي تغض الطرف عن مايحدث في اليمن وهي تشاهد مختلف الاسلحة المحرمة تلقى على ارضها .
الحديث طويل لكن من غيروا وجهة دفتهم عن الحشد الشعبي ، وشككوا بولائه لوطنه واتهموه بتبعيته لايران وليس للعراق ، سيأتي اليوم القريب الذي تستنجدون به من جديد ، لتطلبوا من الحشد ان ينقذكم من هاوية جديدة كما طلبها سابقاً بنو عبس خلال حرب داحس والغبراء من عنترة وهم يتوسلون به ان ينقذهم بعد ان اخذهم سيل العدو ووصل الخطر الى خيامهم .
https://telegram.me/buratha
