المقالات

الكوفة بين المدح والذم

2042 2019-09-11

🖊ماجد الشويلي

 

تنقسم الروايات الواردة عن أهل البيت ع بحق الكوفة إلى قسمين الأول منها جاء فيه ذمها وقدحها والآخر أتى على مدحها والثناء عليها فانقسم الباحثون والمحققون تبعا لذلك لسماطين على مائدة البحث فكان فيهم من يؤكد على انها افضل مقام واهلها خير ملأ وساق من الادلة الروائية والتاريخية ماشاء الله وقبالة ذلك ساق من يعتقد بانها مذمومة منحوسة مالديه من الشواهد والبراهين المعززة بالوقائع التاريخية فضلا عن الروائية مايثبت صوابية موقفه .

ومابين هذا المنحى وذاك احتدم الجدال حد المماراة بينهما حتى انسحب لعوام الناس واثر نوعا ما في نشأة جيل تتقاطع قناعاته وتتضارب قراءاته  للتاريخ ومواقف اهل الكوفة من الاحداث المفصلية التي مرت بها تلك المدينة المثيرة للجدل .

والاهم من ذلك كله ان كلا الفريقين يحاولان احيانا ان يجعلا من منهجهما ملاكا  دائما لمواقف هذه المدينة وطبيعة لها فمن كان يرى انها مذمومة اعشي عن رؤية اي حسن فيها منذ غادرها امير المؤمنين ع شهيدا في محراب مسجدها الى هذه الساعة .

ومن كان يرى عكس ذلك اخذ يبرر لها كل سقطاتها(الكوفة) ويبرئها من كل عيب وكان لها العصمة .

ولعل الروايات الواردة في ذم اهل الكوفة تارة ومدحهم تارة اخرى هي التي اسهمت بتعميق هذا الشرخ .

وعززه الفهم غير المتأني والمتدبر بظروف وملابسات هذين الصنفين من الروايات .

فقبل كل شئ يجب علينا ان نعرف بان المدح والقدح في الروايات جاء على خلفية المواقف وليس جزافا.

فحين يحسن اهل الكوفة ياتي الثناء عليهم والمدح  لهم وحين يسيئون وينكصون حتما سيذمهم الامام ويوبخهم وهذا ما دأب عليه القرآن في مدح الانسان وذمه !

بل هذه سجية الانسان وماجبل عليه فهو يتقلب بطبعة في العادة بين المواقف ،

ولو تاملنا في الروايات التي جاءت في ذم اهل الكوفة لوجدنا ان اغلبها صدرت عن الامام علي ع والحسين ع والسجاد والسيدة زينب ع .

وهو امر طبيعي فلم يكن اتباع اهل البيت ع في الكوفة يشكلون اغلبية بل حتى التشيع في زمان امير المؤمنين ع لم يتبلور بالنحو الذي اصبح عليه في زمن الباقرين ،كما ان الكوفة كانت تعيش مخاضات سياسية عسيرة وتقلبات في المواقف تبعا للاحداث المهولة التي مرت بها ولذا كان الذم لاهل الكوفة هو ذم لموقفهم ومدحهم انما هو ثناء على موقفهم ايضا ولان الغالب على مواقفهم في زمن امير المؤمنين ع والحسن والحسين ع هو الخذلان فقد كانت الروايات التي تذمهم اكثر وخاصة بعد موقفهم من مقتل الحسين ع .

اما في زمن الباقرين ع وبعد ان تعمق التشيع لاهل البيت ع بعد ان استفاقت الكوفة من صدمتها باستشهاد الحسين ع وخذلانها له .

وكان لما جرى عليها من سلاطين الجور الذين حكموها بعد الامام الحسن ع الى زمن الباقرين اثر بالغ  بتعزيز ولائهم لاهل البيت ع فمقارنة حكم هؤلاء الطغاة مع حكم الامام علي ع والحسن ع اظهر من هو الاحق بقيادة المسلمين ومن هو الاعلم والاعرف بشؤون الدين والامة ومنه انتشر التشيع في الكوفة حتى غدت معقلا لمحبي اهل البيت ع فجاءت الروايات متواترة بمدحهم والثناء عليهم والاشادة بمواقفهم لان مواقفهم كانت مؤيدة للباقرين ع والائمة من بعدهم .

ولذا لا ينبغي الامتعاض اذا ما راينا رواية او حديث يحذر من تكرار موقف اهل الكوفة من الحسين ع لدرجة ان بعضهم ذهب في الطرف للدفاع عن اهل الكوفة آنذاك وزعم بان الجيش الذي قتل الحسين ع كان جله من الروم واهل الشام وتناسى كيف كان الحسين ع يناديهم باسمائهم ويخرج لهم كتبهم ورسائلهم التي يدعونه فيها لنصرتهم !!

وتناسى لماذا قامت ثورة التوابين ومن الذين قاموا بها ولماذا ان كان اهل الكوفة لم يخذلوا الحسين ع

وان كان الروم واهل الشام هم من قتل الحسين ع فمن خذل الحسن ع وقتله ياترى ؟!

للاسف البعض يصر على التغاضي عن ذلك كله ترجيحا لرايه فحسب

كما لاينبغي تجميل صورة اهل الكوفة  وتبرئتهم من قتل الامام الحسين ع بالكامل ايضا  لا ينبغي تحميل اهل العراق اليوم تبعات ماجرى على الحسين ع في ذلك الحين ع ((ولا تزروا وازرة وزر اخرى))

 نعم ،الاتصاف بصفات اهل الكوفة في ذلك الحين 

وان كان اليوم فهو يعد انتماء للكوفة حتى وان اتصف بهذه الصفات شعب باكستان او ايران او الهند  فهو شعب كوفي الموقف .

والعكس صحيح ايضا فشعب الكوفة اليوم والمراد به العراق هنا حينما يتبرأ من صفات اهل الكوفة ويخلص منها كما حصل باستجابته لفتوى المرجعية الدينية لمواجهة داعش فانه ابعد مايكون عن الكوفة وعن صفاتها ذلك الحين.

هذا هو الفهم الذي ينبغي لنا ان تعاطى فيه مع دور الكوفة في الماضي والحاضر ويكون مدحنا وذمنا لها على هذا الاساس بحسب اعتقادي

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك