ينبغي أن نشكر إدارة موقع الفيس بوك لأنها وفرت لنا الايموشن (الرموز التعبيرية) لبث مشاعرنا وما نكنه في صدورنا دون الحاجة للكتابة.
ولكن هذه المرة سيكون شكرنا مضاعفا لان هذه الرموز البسيطة كشفت لنا بعد فاجعة كربلاء يوم أمس، والتي أسفرت عن سقوط عشرات الضحايا الابرياء من زوار الإمام الحسين، عن ظاهرة مرضية في مجتمعنا لا يوجد لها مثيل في كل العالم، فضلا عن كونها (ظاهرة) متخفية وراء ركام الشعارات والكتابات الزائفة ومخيفة من حيث نتائجها المستقبلية، كما انها مثيرة جدا للقرف والاشمئزاز لشذوذها عن نواميس الطبيعة والبديهيات السوية للإنسانية جمعاء بمختلف مشاربها وتوجهاتها واديانها...
الرموز التعبيرية كشفت عن حالة بهجة وفرح وغبطة وشماته عمت فئات من المجتمع العراقي بسقوط ضحايا ابرياء في زيارة عاشوراء.
وقد عكفت منذ مساء أمس على تقصي وبحث ودراسة هذه الظاهرة وانتهيت إلى ما يلي :
١. لم تكن أبدا حالات فردية، بل تصنف ضمن السلوك الجمعي قياسا لنسبة الذين كانوا (واضحين) وابدوا علانية مشاعر الفرح بما حدث.
٢. من الواضح جدا أن الظاهرة ذات اتجاه ومغزى طائفي بحت، نظرا لطبيعة المناسبة والهوية الدينية للضحايا والشامتين بهم.
٣. اثبت البحث في خلفيات (الشامتون) ان مشاعر الكراهية الطائفية الموجهة ضد الشيعة هي مشاعر عابرة للاختلافات العرقية والقومية والمناطقية، حيث تجمعهم هويتهم السنية سواء كانوا عربا ام كردا ام تركمانا.
٤. الغالبية العظمى من الذين عبروا عن فرحهم وشماتتهم دون وجل أو خجل، هم من الفئة العمرية الشبابية، من ١٦ سنة إلى ٣٦ سنة، وهم من الجنسين، نسبة كبيرة منهم طلبة وموظفين وخريجو جامعات وأصحاب شهادات مرموقة، بعضها إنساني كالطب والتمريض أو قانوني كالمحاماة أو ديني كالشريعة أو فني كالرسم أو أدبي كالشعر ، وهذا يقدم لنا صورة كئيبة ومرعبة عما ينتظرنا من مستقبل مع هؤلاء.
٥. واضح ان هناك فجوة أخلاقية وتربوية كبيرة بين طوائف المجتمع العراقي، إذ نجد وبحسب المنطق والحس الإنساني السليم، تعاطفا شيعيا كبيرا وعلى كل المستويات، مع أي فاجعة تلم بأخوتهم من الطائفة الاخرى، سواء كانوا عربا ام كردا...لكن يقابل كل ذلك ويرد عليه، ليس الصمت فقط بل وإظهار الشماته والسعادة بأي فاجعة تلم بالشيعة، مع جل احترامنا للاصوات القليلة المنصفة التي تحاول أن تشق لها طريقا وسط الكراهية والمقت الطائفي.
٦. أخطر ما في نتائج البحث أعلاه انها استندت في هذا الموضوع على متابعي بعض الصفحات الشعبية المختلطة على الفيس بوك، التي يفترض انها تروج للتعايش والمحبة بين أبناء الوطن الواحد، صفحات مثل الخوة النظيفة ويلا والشرقية والبشير شو وعدد كبير من الصفحات الشبيهة بتوجهاتها، التي اخترقت الفئة الشبابية في المجتمع الشيعي ، الأمر الذي يكشف طبيعة الخطر المحدق الذي كثيرا ما حذرنا منه، من حيث طبيعة ما ينشر في هذه الصفحات المشبوهة التي تدار بنفس طائفي خبيث، يتحين كل فرصة سانحة لبث سمومه، ولأنها تثقف لاتجاهات بعثية سياسية موجهة ضد الشيعة خصوصا وعراق ما بعد الطاغية صدام.
هذه الملاحظات الصريحة وغيرها ينبغي أن تراجع بعناية وتدرس بدقة من قبل المسؤولين والمعنيين والمهتمين بمستقبل التعايش السلمي بين مكونات الشعب العراقي.
علي مارد الأسدي
https://telegram.me/buratha
