عبد الكاظم حسن الجابري
تحليلات مختلفة, وتصريحات متضاربة, شاعت هذه الايام حول الجهة التي استهدفت منشآت شركة النفط السعودية ارامكو في منطقة البقيق.
التصريح الأول والذي تداوله المغردون والمدونون, ورغم إنه لم يكن تصريحا رسميا, إلا انه انتشر كثيرا باتهام العراق بانه كان منطلقا لهذه الهجمات, وكان هذا الاتهام منسجما مع نفس الاتهام قبل يوم من ضربة ارامكو, بان طائرات درون حلقت قرب القصر الاميري في الكويت منطلقة من العراق.
بعدها توالت التحليلات متهمة ايران بالأمر, تارة مباشرة وتارة عن طريق ما يسمونه بوكلائها الحوثيين.
الحوثيون اعلنوا صراحة عن استهدافهم ارامكو, وهم من اطلق الدرونات باتجاه البقيق, متوعدين بعمل اكثر جرأة واقوى تدميرا من هذا الهجوم, لكن الراي السعودي العام كان باتجاه اتهام ايران علانية وصراحة بالأمر, بعد أن تم استبعاد العراق من الاتهام بالهجوم, نتيجة لتصريح وزير خارجية امريكا الذي هاتف رئيس الوزراء العراقي, معربا عن تأكيده أن لا يد للعراق في هجوم البقيق.
هذا الهجوم ورغم أنه ولد بوادر هزة اقتصادية -حيث اُعلن عن توقف 5% من الانتاج العالمي للنفط, وصعود اسعار النفط لمستويات قياسية قياسا بالسنوات الاخيرة, واعلان الرئيس الامريكي انه اعطى الضوء الاخضر للسحب من الاحتياطي النفطي الامريكي- إلا أنه اشعل فتيل ازمة سياسية وعسكرية جديدة في المنطقة تضاف للازمات السابقة.
السعودية صرحت انه انهت كافة الاستعدادات للرد العسكري على الهجوم, وانها لن تترك ايران تنجو بفعلتها هذه, وبدأ التصعيد واضحا وخطيرا وجديا, حتى ردت ايران بان من يعتدي عليها سيجد ردا مقابلا عنيفا ولا يخطر على بال أحد.
كل هذه الاتهامات لإيران, وتسريع التصادم المباشر معها, يبدو وكأن هناك اطراف خلف الكواليس تحاول الاسراع في اشعال حرب ضروس في المنطقة, وبقراءة متأنية ومع ربط هذه الهجوم بالهجوم على ناقلة النفط الامارتية, يتضح أن هناك طرفا ثالثا يحاول أن يشعل هذه الحرب.
ما يدعم قراءتنا هذه هو التساؤل كيف استطاعت هذه الدرونات اختراق الاجواء السعودية, وتوجيه ضربة حساسة لها؟ وهل عجزت اجهزة الرصد السعودية والتي اُنفقت عليها مليارات الدولارات عن كشف هذه الدرونات والتصدي لها, وهل يعقل أن أمريكا صاحبة نظام الكوكل والذي ينقل مباشرة ما يدور في الارض أنها لا تعلم مصدر هذه الطائرات المسيرة؟.
اعتقد وكما قلت أن لأمريكا واسرائيل دور في هذا الهجوم, وهو بمثابة بروفا لقراءة رد الفعل الايراني والدولي حول الموضوع, فبعد أن فشل الترويج لحادثة ناقلة النفط الاماراتية جاء الامر بافتعال ضربة مباشرة ليسرع من اشعال الحرب.
ما أعتقده أن أمريكا لن تدخل في حرب مباشرة مع ايران لتحمي السعودية, فأمريكا اكثر من غيرها تعلم ما سيحدث ان تمت مهاجمة ايران, وما ستحدثه الحرب من هزة اقتصادية عالمية وازمة سياسية كبرى, خصوصا ان امريكا تشغلها ملفات كثيرة في الداخل ستكون على المحك في حال نشوب الحرب اهمها الانتخابات المقبلة وحظوظ الرئيس ترامب.
https://telegram.me/buratha