كندي الزهيري
التوقيت الذي أختاره رئيس الوزراء عادل عبد المهدي لزيارة السعودية وبُعيد عودته من الصين الشعبية توقيتاً ذكياً.ويؤسس الى عمل جديد وبديناميكية جديدة لم يألفها العراق منذ عام ٢٠٠٣.وان هذا العمل والتحرك يبشر بمرحلة رجال الدولة ولأول مرة ما بعد عام ٢٠٠٣ بشرط ان لا يعود السيد عبد المهدي ويجلس في بغداد ولَم يلحق تلك الديناميكية التي بدأها بالصين ومن ثم السعودية بفعاليات وزيارات اخرى..فعليه أن يحمل حقيبته ويبحث عّن دور العراق ومصالحه ومن موقع القوة وليس من موقع الضعف!.
فالعراق لا تليق به الا أن يكون لاعبا مهما في محيطه العربي والأقليمي والإسلامي والعالمي. والسعوديين يعرفون ثقل العراق وأهميته في المنطقة. ويعرفون أهمية العراق أمنيا واستراتيجيا واقتصاديا على السعودية ومنطقة الخليج، وكذلك يعرفون السيد عبد المهدي جيدا فهو ليس طارئا على السياسة. فهو تنفسها ونهلها منذ الصبا وكذلك ليس طائفيا ولا يميل الى الازماتِ والعنتريات.
التقاط عراقي جيد !.
فعندما يطلب الرئيس ترامب وولي العهد السعودي بن سلمان من رئيس الوزراء الباكستاني عمران التوسط بين امريكا وايران، وبين ايران والسعودية حسب ما أكده عمران نفسه، هذا يعني ان دول الأزمة تبحث عّن نافذة حوار وتلاقي بعيدا عن الحرب وان لديهم قناعة ان الحرب خسارة للجميع!
وبما ان السيد رئيس الوزراء الباكستاني الجديد ليس بذلك الثقل وبتلك الكاريزما التي كانت تتوفر عند سلفه نواز شريف، وليست لديه تلك العلاقة الخاصة مع الاسرة الحاكمة في السعودية مثلما كانت لدى نواز شريف، وليست لديه علاقة استراتيجية وشخصية مع الإيرانيين مثلما كانت لدى السيدة بوتو والسيد شريف..والرجل غير معروف بتاريخه السياسي والقيادي في المنطقة كونه وصل حديثا لمنصب رئيس الحكومة في باكستان وكان مجرد رياضي ثم رئيس حزب معارض!.
من هنا خيرا فعل السيد عبد المهدي عندما لم يتأخر في بغداد كثيرا وحال عودته من الصين ليحل ضيفا على العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز ليشطر مهمة رئيس الوزراء الباكستاني والتي هي ثقيلة عليه جدا ليأخذ منها (الأزمة الإيرانية -السعودية) لتكون من حصة العراق وحصة عبد المهدي وضمن شعار ( أهل مكة ادرى بشعابها ).
يبدو ان السعوديين لديهم تلك الرغبة بحيث لا يضعون بيضهم في سلة السيد عمران من جهة، ولكي لا يستنزفوا باكستان بوساطة مركبة وتكون النتيجة غير جيدة.
العراق يعتبر حليف لإيران بسبب ابتعاد العرب عنه .والقيادة العراقية قسم منها يميل للسعودية والقسم الآخر يميل لإيران. وبالتالي ان الحالة اللبنانية التي أستمرت لسنين طويلة في لبنان وكان فيها لاعبين رئيسين مهمين هما ايران والسعودية باتت تنمو وتتجذر في العراق وعلى نفس الإيقاع ويبدو ان السعودية راضية بذلك وتعتبره مكسب !!.
فهل سيتم التقارب على حساب العراق !؟
فالحقيقة ان العراق بلا غطاء سياسي ودبلوماسي صلب بسبب المحاصصة وبسبب الفشل السياسي خلال ال ١٦ سنة الماضية لهذا بقي قراره متأرجحا ومخترقا. ولقد لعبت الدول المتدخلة بالشأن العراقي دورا في ذلك واولها امريكا وبريطانيا ودول الخليج وغيرها. لذا فالتقارب العربي السعودي مع العراق أمر جيد،والتقارب العراقي الإيراني امر مهم ،اي للعراق منطقة تقارب وتفاهم وليس اختلاف.
فباتت أمام إيران فرصة ذهبية واخيرة وهي تفريق الخصوم والشروع بالتفاوض معهم كل على حده .ولهذا شجع الإيرانيون عادل عبد المهدي ليسارع الى أخذ شطر من المبادرة وهي رعاية وهندسة التقارب السعودي الايراني، وترك باكستان بمهمة التقارب الاميركي الإيراني الى جانب المبادرة الفرنسية التي تعمّل عليها باريس بين واشنطن وطهران!!.
وان السعوديين وعلى مايبدو يريدون للعراق هذا الدور لكي يعززوا من تقاربهم وتواجدهم في العراق من جهة ومن جهة أخرى هي فرصة للتفاهم مع الإيرانيين على (سلة واحدة) بضمنها حصة السعودية في العراق وعلى طريقة التناصف بين الرياض وطهران في لبنان ما بعد اتفاق الطائف!.
يبقى الموضوع المهم مالذي سوف ينجح فيه المفاوض والراعي العراقي ومن الطرفين "السعودي والإيراني " ويكون لصالح الشعب ولصالح العراق !؟
فيفترض باللاعب العراقي ان يترك موضوع العراق سعوديا وإيرانياً ولا يقحمه في مفاوضات التقارب بين طهران والرياض .ويكون عامل مساعد واطفائي بين الجانبين بهدف إنجاح تقاربهما .عندما ينجح العراق ببلورة اتفاق بين الرياض وطهران ولتكن اسمها (معاهدة بغداد/أو اتفاق بغداد)بين الطرفين .بعدها ينشط المفاوض العراقي مع السعودية وايران لتثبيت دعامات العلاقة العراقية مع طهران والرياض وعلى أساس مصالح العراق وبشرط عدم التبعية وعدم الوقوع في المناصفة اللبنانية!.
تحذير:-
على السيد عادل عبد المهدي ان لا يخلط بين الداخل والخارج. فعليه الحذر من التمسك بالخارج وترك الداخل او العكس. بل لابد ان يكون العمل متوازن وبوتيرة واحده بالعمل للداخل وللشعب ومصالح الناس، والعمل للخارج و لمصلحة العراق والمنطقة....
وعليه اَي السيد عبد المهدي الاستعداد لمناكفات الداخل فهناك من لا يريد للعراق البروز والتطور،وهناك من لا يريد لعبد المهدي النجاح، وهناك من يريد بقاء العراق كما هو دون تطور ودون البحث عن الهوية العراقية،وهناك من يحارب تقارب العراق مع جيرانه العرب او ان يكون للعراق اي دور في المنطقة،من خلال افتعال أزمات داخلية، وتشتيت الهدف الجهود العراقية في قيادة وهندسة المنطقة .
https://telegram.me/buratha