محمد علي السلطاني
لم تمضي ساعات على مهاتفة الرئيس الاميركي ترامب لنظيره التركي اوردغان ،حتى فوجئ العالم بأنسحاب القوات الامريكية من مناطق شمال سوريا وشرق الفرات، معلنة تخليها عن حليفها الكردي الممثل بقوات سوريا الديمقراطية (قسد) ،الذي فرض سيطرته على مناطق شمال سوريا بعد معارك شرسة خاضها مع داعش ،
شمال سوريا يمثل عصب الاقتصاد السوري ، ذلك الجزئ الغني بمصادر الطاقة والزراعة والمياة ، وبهذا التخلي امست قوات سوريا الديمقراطية وحيدة أمام الجيش السوري تواجه مصيرها المحتوم ! ومع رغبة تركيا التوسعية ،وشهية اوردغان المفتوحة لأحياء مجد الخلافة العثمانية على الطراز الحديث ، باشرت تركيا
وعلى الفور عملياتها العسكرية، معلنة الشروع بعملية "نبع السلام" ، اذ زحفت القوات التركية على مناطق شرق الفرات وشمال سوريا، تحت عنوان نية تركيا لأنشائها منطقة آمنة ! بطول يبلغ أربعمائة وثمانون كيلو متر ابتدأ من جرابلس وحتى المالكية قرب الحدود العراقية، وبعمق يتراوح بين ثلاثون الى خمسون كيلومتر !
الغرض منه كماتدعيه تركيا توطين اللاجئين السوريين في هذه المنطقة،
وبطبيعة الحال ، اعقب هذا الاجتياح موجة نزوح جديدة بلغت مايقارب الاربعمائة ألف نسمة ، من الذين فرور من ديارهم جراء الاجتياح ، كذلك المئات من القتلى في صفوف (قسد) ،
أن هذا التخلي الأمريكي عن الكرد في سوريا، يترجم في الواقع مدى وهم وخديعة الكرد بالأمريكان ، اذ اوهم الأخير الطرف الكردي بحجمة وقوته الحقيقية ، فأصبح الوهم الأمريكي للكرد كالمرءاة المكبرة ، يقف أمامها الكرد ليرو حجمهم غولأ ظنأ منهم ان هذا هو حجمهم الحقيقي في اللعبة الدولية الكبرى ، سعيا منهم وراء أحلامهم الانفصالية التي ساقتهم إلى حروب دموية لم يخرجو منها سوى بخفي حنين،
فكانت عمالتها الأمريكية احد اهم أسباب الفوضى والدمار الذي حل في سوريا والمنطقة ، وبنهاية الدور بيعو الى الأتراك بثمن بخس .
مايثير قلق ومخاوف الجانب العراقي من الموضوع ، الذي يشكل خطرا جديأ محدقأ يهدد أمن واستقرار العراق، وينذر بعودة جديدة لعمل المجاميع الارهابية وأعمالها التخريبية ، هو مارافق هذه العملية من كسر للسجون التي كانت تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية ، مما أدى الى اطلاق العنان لألاف الدواعش الاجانب القابعين فيها من ذوي الجنسيات الاوربية وغيرها ، ممن رفضت بلدانهم عودتهم واستقبالهم،
بالتالي فإن امكانية تسللهم الى الاراضي العراقية ،وإعادة الفوضى في البلد التي تسعا لها الولايات المتحدة الأمريكية هذه الأيام أمر وشيك، سيما وأن حدود التماس بين العراق وسوريا تقارب السته وسبعون نقطة، يسطر العراق على مايقارب الستون منها .
العراق من جانبه نشر الف عنصر من عناصر الامن، من الحشدالشعبي والجيش والاجهزة الامنية الاخرى استعدادا لأي ظرف طارئ، علمأ أن دفعات النازحين من العوائل الداعشية اتجهت نحو الحدود العراقية السورية بعد هروبهم من مخيم الهول ، بغية التوغل داخل الاراضي العراقية ، كما أن المعلومات تشير الى بدأ الدخول الفعلي للدواعش عبر إقليم كردستان العراق ، في مشهد يعيد الى الاذهان التواطئ الكردي السابق مع الدواعش ، إبان اجتياح الموصل في العام 2014 وماتلته من أحداث دامية شهدها البلاد، انتهت بطرد الغزاة بفضل فتوى الجهاد الكفائي والتلبية الواسعه لها من قبل العراقيين،
بناء على هذه المعطيات ، فأن المؤامرة الصهيوامريكية ضد العراق اصبحت مكشوفه، فالحكومة العراقية اليوم قد تجاوزت كل الخطوط الحمراء بإصرار وعزيمة، وأن إفلاس الإدارة الأمريكيه من العراق أصبح واضحا، كما أن بروز الحشد الشعبي وتنامي قوته واعتبارة جزئ من القوات المسلحة العراقية دق ناقوس الخطر في اسرائيل، فتنامي مراكز القوى العراقية وتنوعها والانفتاح الروسي الصيني امرأ غير مسموح به أمريكيا، لذا تحاول أمريكا اليوم اعادة هيكلة الدواعش ودفعهم نحو العراق لخلط الأوراق من جديد،
الا أن عراق اليوم ليس عراق 2014 ، إذ إن وجود الحشدالشعبي قد غير المعادلة وكسر كل رهانات الاعداء ، أضف الى ذلك ما كسبته الأجهزة الأمنية من الخبرات والامكانات ،سيجعل الدواعش الراغبين بالتسلل الى العراق صيدا سهلأ ، فرصاص العراقيين لازال بانتظارهم على احر من الجمر.
https://telegram.me/buratha