المقالات

الإِنجازُ أَو إِلى مَزبلةِ التَّارِيخ


نـــــــــزار حيدر

 

١/ مع تحفُّظاتي على الحُزَم الإِصلاحيَّة التي أَعلنتها الحكومة، فإِنَّها الحدِّ الفاصل بين أَن تدخل الحكومة التَّاريخ من أَوسعِ أَبوابهِ، إِذا أَنجزت ما وعدت بهِ، أَو أَن تذهب إِلى مزبلةِ التَّاريخ غَير مأسوف عليها إِذا نكثت بوعودِها هذهِ المرَّة كذلك كما في المرَّات السَّابقة.

الشَّارع ينتظر أَفعالاً ولا ينتظر أَقوالاً، فلقد ملَّ النَّاسُ الوعودَ الكاذبة والشِّعارات الفارغة، وستكونُ الحُزَم الإِصلاحيَّة الحاليَّة آخر أَكاذيب السَّاسة إِذا لم تنفِّذها الحكومة، فبعدها الطُّوفان الحقيقي، ولاتَ حينَ مندمِ.

٢/ الموضوع لا يحتاجُ إِلى كثيرِ فلسفةٍ لنبحث عن الحلُول، فالحلُّ واضحٌ واحدٌ فقط لا غَير، وهو أَن يصدُق الزُّعماء شعبهُم فينفِّذُوا لهُ ما وعدُوه، بعد أَن اعترفت الرِّئاسات الثَّلاث بتقصيرِها وفشلِها وأَحقيَّة مطالب المُتظاهرين السِّلميِّين، كما وصفهم الخِطاب المرجعي.

٣/ أَمَّا تحفُّظاتي على حُزم الإِصلاح فهي كثيرةٌ أَهمَّها؛

*إِنَّها تُكرِّس مفهوم رَيعيَّة الدَّولة، في الوقت الذي صدَّعت الحكومات المُتعاقبة رؤُوسنا بضَرورة القضاء على هذهِ الظَّاهرة السَّيِّئة والمُدمِّرة للدولة، من خلالِ تنويعِ مصادر الدَّخل القَومي.

وإِذا كانت نسبة ٧٠٪؜ من الميزانيَّة العامَّة تشغيليَّة تذهب رواتب ومصروفات، ففي ظلِّ الحُزَم الأَخيرة سترتفع هذه النِّسبة إِلى ٩٠٪؜ وأَكثر.

*إِنَّها تُكرِّس كذلك ظاهرة الدَّولة المُستهلكة، بدلاً من أَن يجري العمل للتحوُّل إِلى دولةٍ مُنتجةٍ، وهو الأَمر الذي يقودُ البلاد نحو الإِنحدار إِلى الهاوية بوتيرةٍ أَسرع!.

*بالإِضافةِ إِلى أَنَّها فضحت مؤَسَّسات الدَّولة التي كانت تتحجَّج بعدم وجودِ التَّشريعات التي تُساعد الحكومة في القيام بواجباتِها الدُّستوريَّة إِزاء حقوق المواطنين، تارةً، وعدم وجود المُخصَّصات اللَّازمة لتنفيذِ مثلِ هذهِ الحُزم الإِصلاحيَّة، تارةً أُخرى.

إِنَّها فضحت الحكومة كَونها لا تمتلك رُؤية بناء الدَّولة، ولا تمتلك مشروع إِقتصادي وتنموي.

٤/ وكما قيل فإِنَّ المكتوب واضحٌ من عنوانهِ، فبعدَ أَقل من [٤٨] ساعة فقط من قمعِ الحكومةِ لحركةِ المُتظاهرين السلميِّين، كما وصفهم الخِطاب المرجعي، حصلت تحتَ قُبَّة البرلمان نفس المُساومات والصَّفقات المشبوهة والمعهُودة من قادةِ وزُعماء الكُتل السياسيَّة!.

وهذا إِن دلَّ على شيءٍ فإِنَّما يدلُّ على أَنَّ على العراقيِّين أَن يختارُوا [آخِر الدَّواء] فهذهِ العِصابة الحاكِمة لا يمكنُ أَن تُغيِّر نهجها ومنهجيَّتها في إِدارة الدَّولة مهما أُريقت من دماءٍ ومهما تعرَّضت البلاد لمخاطرَ عظيمة، لأَنَّها لا ترى السُّلطة مسؤُوليَّة، وإِنَّما تراها مصالح ومنافِع ونفُوذ!.

٥/ هل انتبهَ الرَّأي العام إِلى أَنَّ الخِطاب المرجعي الأَخير لم يمرَّ على الحُزم الإِصلاحيَّة التي أَعلنتها الحكومة، لا من قريبٍ ولا من بعيد؟!.

لماذا؟.

تفسيري في أَمرَين؛

أ/ لعدم ثقةِ المرجع الأَعلى بصدقيَّة الحكُومة فضلاً عن قدرتِها على التَّنفيذ، بالإِضافةِ إِلى عدمِ قناعتهِ بها.

ب/ لكونِها تعتبر أَنَّ الدَّولة الفاقِدة للسِّيادة في الأَمن والقرار والتَّنفيذ عاجزة عن فعلِ شيءٍ إِيجابي، ولذلك فلقد أَولى الخطاب المرجعي الأَخير موضوع سيادة الدَّولة أَهميَّة عُظمى، من خلال تحميل الحكومة كامل المسؤُوليَّة عمَّا حصل، خاصةً في موضوعَة الميليشيات التي ساهمت في قمعِ الحَراك الشَّعبي، والتي أَسماها الخطاب بالجماعات الخارجة عن القانون.

٦/ برأيي فإِنَّ الديمقراطيِّين سيذهبُون إِلى النِّهاية ويعزلُوا الرَّئيس ترامب في مجلس النوَّاب.

فهل سيتمكَّنون من تمريرِ القرار في مجلس الشُّيوخ الذي سيحتاج إِلى ثُلثَي عدد الأَصوات من مجموعة الـ [١٠٠] وهو الأَهم؟!.

أَشكُّ في ذلك.

٧/ الرَّئيس ترامب قرَّر الإِنتقام من أُوربا التي لم تتعاون معهُ في ملفِّ الإِرهابيِّين المُعتَقلين في سجون المسلَّحين الذين تعاونُوا معها في شمال شرق سوريا، فانسحبَ من هناك وأَوعز إِلى أَنقرة لاجتياحِ الأَراضي السوريَّة لخلقِ الذَّريعة لإِطلاق سراح الإِرهابيِّين المُعتقَلين والذين سيتسلَّلون، في نِهاية المطاف، إِلى دُول المنشأ، أُوربا، لتنطلقَ الصَّفحة الجديدة من ملفِّ الإِرهاب هناك، أَو أَن تبذل الحكومات الأُوربيَّة المزيد من الجُهد الإِستخباري لإِعادة إِعتقالهِم وبالتَّالي تحمُّل مسؤُوليَّاتهم كاملةً.

أَمَّا أَنقرة فلقد عوَّدتنا على توظيف الإِرهاب لفرضِ أَجنداتها السياسيَّة في المنطقة، ولقد خلق لها الرَّئيس ترامب الفُرصة مرَّةً أُخرى بالإِنسحابِ.

١٥ تشرِينُ الأَوَّل ٢٠١٩

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك