رسول الشمس
العقل الجمعي هو( ظاهرة اجتماعية تفترض فيها الجماهير ان تصرف الجماعة وموقفها تجاه حدثٍ ما هو سلوكاً صحيحاً)،
ولايخفى على أحد بإن للجماعةِ تأثير أكبر على رأي الفرد وموقفه، وقد يفقد فيها الافراد قدرتهم على تحكيم العقل وتمييز الصواب، لِيُصبح تحت تأثير مايسمى( بسلوك القطيع)، والتاريخ يبين لنا سطوة العقل الجمعي على الافراد، على افتراض ان رأي الجماعة صائب والاقلية تبع لها،كذلك وجود شواهد قرآنية كثيرة تبين علو كعب رأي الجماعة في تسيير الموقف لصالحها، كما في الآية المباركة ((وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا)).
الواقع العراقي اليوم يشهد استخدام التفكير بالعقل الجمعي لتصعيد الاحداث وتسييرها لصالح جهة معينة، قد تكون سياسية او دينية (داخلية او خارجية )، مستغلاً عدة عوامل في الشارع العراقي منها ( قلة الوعي السياسي لدى اغلب شرائح المجتمع ، الإتباع الاعمى والتحزب السياسي والديني لدى غالبية الافراد، سهولة بث الاشاعة وتصديقها، الاستخدام الخاطئ لمواقع التواصل الاجتماعي)،وغيرها الكثير من الادوات التي تجعل مهمة الجهة المستفيدة سهلة للغاية، لتحقيق اهدافها المنشودة من كل حملةً منظمة.
وقد إستغلت الاحزاب السياسية التأثير العاطفي على الافراد، فنرى جميع الحملات الإعلامية هي نتاج عنوانٍ معين يثير عاطفة الناس، مثل تهميش او اقصاء (الفقراء ، الايتام، المعوزين)، وبالتالي دس السم بالعسل، وتمرير الافكار السامة في أذهان عامة الناس.
حيث أصبح المواطن اليوم ضحيةً لمواقع التواصل الاجتماعي والصفحات المأجورة التي يتابعها الملايين، حتى وصل الحال الى التسليم لأي خبرٍ وموقف يصدر من هذه الصفحات، التي تدار وتمول من كبار المسؤولين، بحيث اصبح التخوين والإتهام بالعمالة اوقد تصل الى التهديد بالقتل بمجرد ان توضح مايجري من ترابط وتشابك مجريات الساحة العراقية، هو ردة الفعل المتوقعة ممن تتعارض الحقيقة مع موقفه المنساق لرأي الجماعة.
نعم نستطيع ان نستخدم أُسلوب العقل الجمعي للتأثير الإيجابي في المجتمع، ومحاولة تغيير فكر الفرد نحو الصواب وفهم ترتيب وتسلسل الاحداث، وبالتالي إدراك الحقيقة الغائبة، ويتحقق ذلك متى ما إمتلك الأفراد إسلوب تقبل الآخر، وتداول النقاشات البناءة، وعدم تحجيم دائرة تفكير الفرد بأحداث آنية وتبني المواقف على ضوئها،
وبالتالي كشف زيف الادعاءات الكاذبة التي تثير الناس، والتي هدفها تشتيت الرأي العام وتمزيق وحدة ابناء الوطن الواحد، ووضع حجر الاساس لنشر الثقافة الصحيحة التي تؤهل الشعب أن يكون صاحب المبادرة، وتصبح لديه القدرة على إنتشال نفسه من ضحالة القاع الذي أُختير ان يكون فيه، لتمرير كل المخططات التي تُحاك ضده.
https://telegram.me/buratha
