كندي الزهيري
قد يتعرض الإنسان لموقف ما في حياته، فيصدر بسببه حكماً عاماً اتجاه ما يتعلق بذلك الموقف .. هذا ما يسمى (التعميم) ويحدث التعميم بشكل لا إرادي خاصة وأن عقولنا محدودة أما حوادث العالم كثيرة وغير محدودة .. لذلك يصعب على عقولنا أن تستوعبها جميعاً لنقص المعرفة والمعلومات .. لذا يلجأ الإنسان إلى إصدار الأحكام العامة لتلك الأحداث .. والتعميم يختلف تماماً عن القولبة أو ما يعرف باسم الصورة النمطية ..
إن مفهوم الصورة النمطية (stereo type) مفهوم مستعار من عالم الطباعة ويعني الصفحة التي تستخدم لإنتاج نسخ مطابقة للأصل تم استخدام هذا المصطلح ليعبر عن ميل الإنسان لإختزال المعلومات وأن يضع الناس ولأحداث في قوالب عامة وجامدة وأن يصدر عليهم حكماً متعجلاً غير مدروس ..
فالقولبة: هو أن يتعمد الإعلام تشويه الحقائق حول شخص ما أو فئة معينة أو شعب بأكمله ويرسخ في أذهان الناس صورة نمطية مشوهة حول هؤلاء بخطة محكمة مرسومة بدقة وتزداد خطورة القولبة في أيامنا لأن وسائل الإعلام أصبحت هي المصدر الرئيس لكل أفكارنا وتصوراتنا عن الدول والشعوب والثقافات والديانات وغيرها ..
كيف تحدث القولبة؟
يتم إنتاج القولبة أو الصورة النمطية والتي هي عدوان معنوي متعمد ومخطط له يتم بالطريقة الآتية:
تبدأ بإلصاق وتعميم صفات منفرة سلبية ضد الفئة المستهدفة ثم تقوم وسائل الإعلام بتضخيم تلك الصفات وتبالغ فيها وتكررها وتبرزها حتى تترسخها الأذهان وتتلاشى أي جوانب إيجابية أخرى في صورة المستهدف كي يتعرض بطريقة مختلفة للحقائق لتأكيد الصورة النمطية السلبية وفق الخطة المرسومة .. وبمرور الوقت تترسخ الصورة النمطية السلبية وتصبح كالحقيقة في عقول الناس خاصة مع تنوع أساليب عرضها بالمسموعة والمرئية وربما بالأفلام السينمائية أيضاً وإذا ما نجحت عملية القولبة وتم تصنيع الصورة النمطية السلبية فإن الضحية يحدث من الآخرين مشاعر الكراهية أو الاحتقار وأحياناً يخافون منه وفي أحيان أخرى يصل الأمر للرغبة في التخلص منه مما يجعله أحياناً معرضاً للخطر ..
يا لها من عملية عدوانية بشعة ينسج الإعلام الخبيث خيوطها بدقة وبصمت وبمهارة وعندما أدرك العالم خطورتها وُضعت لها القوانين الأخلاقية الإعلامية حيث نصت عشرات المواثيق الإعلامية عدم التصوير النمطية لأي اتجاه فكري أو سياسي أو جماعة عرقية أو دينية ولكن ..
على الرغم من تلك القوانين والقيود تظل القولبة وتصنيع الصورة النمطية السلبية من أخطر ما تقوم به وسائل الإعلام الجائرة ..
ومن أشد أشكال الاعتداء والظلم الذي يتعرض له البشر في هذا العصر ويهدد بانفجار الكثير من الصراعات وتزيد من حدة الكراهية في العالم وتبرز الاعتداء على الصورة النمطية السلبية وتجعل العدوان عليهم شيئاً مبرراً ومشروعاً.
كما يحدث الآن فى العراق من محاولة اثارت وأعادت ،نسخه من الفوضى التي يتسبب بها الإعلام ، الهدف نشر السلبيات وقتل الإيجابيات، حتى ينظر المواطن ان الحكومة لا تقدم ولن تقدم شيء ، ويذكر انه نفس الشيء اتبعته القنوات بتشويه صورة الحشد الشعبي وانتصاراته، ليتم اليوم اعادت الهجمة من جديد لكن هذه المرة ضد المرجعية، ومحاولة اثارت الشارع باعتبار ان المرجعية سبب فيما يحدث ، وهذا امر خطير جدا على الوسائل الإعلامية الوطنية ،ان تواجه هذا المخطط ،وتبين للناس الحقائق قبل فوات الأوان....
https://telegram.me/buratha