حيدر الطائي
لما قربَ دنو النبي. ص. إلى حظيرة القدس بعث الله إليه ملكُ الموت ليسمو بروحه إلى جنة المأوى. وإلى سدرة المنتهى وجاء ملك الموت فستأذن من أهل بيت الوحي بالدخول على رسول الله. ص. فأخبرته الزهراء. ع. بأن النبي في شغل عنه
لأنه كان قد اُغمي عليه من شدة المرض. وبعد برهة كرر الطلب فأفاق الرسول. ص. من اغمائه فقال لأبنته(اتعرفيه)
قالت: لا يارسول الله: قال( إنه معمر القبور ومخرب الدور ومفرق الجماعات) فانهد كيان الزهراء. ع. واحاط بها الذهول وأرسلت مافي عينها من دموع وراحت تقول بصوتٍ خافتٍ حزين النبرات( وايويلتاه لموتِ خاتم الأنبياء. وامصيبتاه للممات خير الأتقياء ولأنقطاع سيد الأصفياء. واحسرتاه لأنقطاع الوحي من السماء)
وأشفق الرسول. ص. على بضعته فأرسل لها كلمةً فيها سلوى وعزاء فقال لها( لاتبكي فإنكِ أول أهلي لحوقًا بي١)
واذن رسول الله.ص. لملك الموت بالدخولِ عليه. فلما مثل عنده قال له ( يارسول الله. إن الله أرسلني إليك وامرني أن اطيعك في كل ماتأمرني. إن امرتني اقبض نفسك قبضتها وأن امرتني أن اتركها تركتها) فدخل جبرائيل فقال
( يااحمد إن الله أشتاق إليك) ولما علم أهل البيت أن النبي سيفارقهم في هذه اللحضات اذهلهم الخطب وبلغ بهم الحزن إلى قرارٍ سحيق. وجاء الحسن والحسين فالقيا بأنفسهما على الرسول.ص. ليودعاه الوداع الأخير وهما يذرفانِ الدموع فجعل الرسول.ص. يقبلهما وهما يقبلانه وأراد أمير المؤمنين أن ينحيهما عنه فقال. ص. " دعهما يتمتعانِ مني واتمتع منهما فستصيبهما بعدي إثرة" ثم التفت إلى عواده فقال لهم
( قد خلّفتُ فيكم كتاب الله وعترتي أهل بيتي. فالمضيعُ لكتابِ الله كالمضيع لسنتي. والمضيع لسنتي كالمضيع لعترتي إنهما لن يفترقا حتى اللقاء على الحوض٢)
واستدعى وصيه وخليفته أمير المؤمنين فقال له
( ضع رأسي في حجرك فقد جاء أمر الله فإذا فاضت نفسي فتناولها وامسح بها وجهك. ثم وجهني إلى القبلة وتولى أمري وصل عليّ أول الناس ولاتفارقني حتى تواريني في رمسي واستعن بالله عز وجل)
وأخذ أمير المؤمنين رأس النبي. ص. فوضعه في حجره ومد يده اليمنى تحت حنكه. وأذنَ النبي لملك الموت باستلام روحه المقدسة. وأخذ النبي.ص. يُعاني آلام الموت وشدة النزع حتى فاضت نفسه الزكية. فمسحَ بها الإمام علي. ع. وجهه ونعاه إلى الحاضرين٣)
لقد انطوت ألوية العدالة في ذلك اليوم الخالد في دنيا الأحزان. واخمدت مصابيح الكمال والفضيلة. ومااُصيبت الإنسانية بكارثة كهذه الكارثة. فقد مات المنقذ العظيم واحتجب النور الذي أضاء الطريق للانسان. وطاشت أحلام المسلمين أمام هذا الخطب المريع.
https://telegram.me/buratha
