عباس العنبوري
لم يسلم من كان في مثل عمري من محاولات الكسب - او الانتماء- الى حزب البعث العربي الاشتراكي. وكان مبرري الجاهز للفرار من الانتماء والذي حفظته بوصيةٍ من والدتي(حفظها الله)،"انا اخدم الوطن من مقاعد الدراسة" وان الرئيس القائد قال في حرب الثمانينات " للقلم والبندقية فوهةٌ واحدة"!
اما مسيرات الحزب الاجبارية وحفلاته المفروضة، فقد كُنت استلُ منها بمهارةٍ عجيبة. ولكني ورغم ذلك، لم استطع الفرار من المشاركة في يوم النخوة الخالد!
ان فرضية اختزال التعبير عن حب الوطن بنمط واحد او ممارسةٍ واحدة ولتكن المشاركة في اعتصامات التحرير او غيرها لا يمكن اعتبارها سوى أسلوب اقصائي أختزالي لأنماط احتكار الحقيقة وتخوين من لا يعتمد هذه الوسيلة طريقاً في التغيير.
حتى اصبحت ساحات الاعتصام لدى البعض مغتسلاً يتعمّد فيه كل من اراد ان يُثبت عقيدته وولاءه للوطن ومواجهته للفساد والانحطاط الذي يحيطنا. فأصبح للتحرير طقوس على المشارك ان يقوم بها كارتداء الكمامات والتقاط الصور وحمل العلم العراقي.
ورغم ان هذه الصور قد رسمت لوحةً في حب العراق والمطالبة بالتغيير حتى شهد بها القاصي والداني الا ان ذلك رافقه تعدٍ على حرمة المدارس والمدرسين والمدرسات ومنع التلاميذ من الجلوس على مقاعد الدراسة من قبل أقرانهم او أساتذتهم او حتى حراس المدرسة وبطريقةٍ شوهت جماليةَ الاعتصامات المطلبية السلمية.
وقد شهدت وسائل التواصل الاجتماعي توثيق لصور ومقاطع فديو تثبت هذه الاحداث المؤسفة في اماكن
عديدة من وطننا الحبيب.
فعُطلت المؤسسة التعليمية عن ان تمارس دورها الاساس في بناء الوطن. وحُرم اصحاب الرأي الآخر ممن لا يعتقد بان الاعتصامات هي الوسيلة الوحيدة في التغيير. وأن علينا ان نسلك طرقاً مختلفة في اثبات الحق وبناء الوطن وفي مقدمتها احترام القلم والسبورة والكتاب والمعلم والمدرسة.
واذا كانت" الطرق الى الله بعدد انفاس الخلائق" فأن العلم من الممكن ان يكون طريقنا لبناء العراق وانتشاله من الفساد. ولا اقل، من ضرورة احترام من كان ذلك خياره.
ـــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)