كندي الزهيري
من الغريب اننا لا نقرأ التاريخ ولا نفهم ماذا يقول، في كل مرة نقع في نفس الخطأ ،فلو رجعنا إلى التاريخ القديم والقريب لوجدنا انه نفس المجريات والأحداث تتكرر، لكن في كل مره الشخوص تتغي .
نحن من يقوم بثورة،ونحن الذين نخرج بلا ناتج، سوى الدماء .
من ثم نهتف لمن ركب على ضهورنا ،وبعدها نأتي لكي نطيح به ،بثورة معاكسه وهكذا.
كما حدث في ثورة العشرين ،فجاء الاخرين وجلسوا على سدة الحكم ،ونحن ندفع الثمن ،من أرضنا وشبابنا ودمائنا، وكلها تحت مسمى القومية العربية، من ثم جاء البعث ونصب صدام فقتل علماؤنا وشبابنا ،ثم أدخلنا في حرب راح على إثرها الملايين من شبابنا ،بحروب عبثيه والنتيجة نحن حطبها، من ثم المقابر الجماعية والتضييق على شعائرنا الدينية، بل وصلت إلى قصف الامام الحسين عليه السلام، إلى أن تم الإطاحة به.
لنبدأ بحكم جديد ضننا أنه سيكون لنا لا علينا ، فدخلنا بدوامة الارهاب والقاعدة والإهمال وداعش وغيرها ،
بهذه الطريقة هيئت الأرضية لامريكا والبعثية لكي يسيطروا على الجيل الجديد ،ويحركوه كيفما أرادوا
نتيجة حتمية مقارنة بالإهمال والفساد والتصارع لصنع الزعامات ،وها نحن من جديد يثور الشارع الشيعي لكن بيد من هيئت الأرضية له، وفي كل مرة نقع في نفس الخطأ ولا نتعلم ابدا، وهذا المرة لا تخص طبقه السياسية فقط انما تخص مكون بأكمله ،وما نشاهده اليوم دليل على ما نقوله .
ما سأقوله اليوم احفظوه عن ظهر قلب، فبعد أشهر ستتذكره: شيعة العراق سيخسرون الحكم الذي انتزعوه بالإطاحة بنظام صدام في 2003، وسيحفرون قبورهم بأيديهم بفتنة دامية يقتادهم إليها كالقطيع ألد خصومهم.
ما تسمعوه اليوم من هتاف (إيران بره بره) هو في الحقيقة ليس مجرد حرب أمريكية لتقويض النفوذ الايراني في العراق، وإنما أوسع حرب ناعمة يعاد بها برمجة عقول شعب كامل، وبالأخص شيعته للانقلاب على أهم مصادر قوتهم وعزتهم: مرجعتيهم وحشدهم الشعبي، ثم على أنفسهم، بعدما كان ذلك سبب بلوغهم اوج مجدهم بالانتصار على داعش، وتحول العراق الى رقم صعب إقليميا ودوليا.
لقد نجحت الجيوش الإلكترونية في إعادة برمجة صورة المرجعية في عقول غالبية الشيعة وتأليبهم ضدها بغطاء سياسي خبيث، وتهشيم كل معتقد مقدس لديهم.. كما نجحت بتوجيه غضبهم في مختلف مدنهم نحو مقرات الحشد لإحراقها، وقتل العشرات من ابنائه بتهمة التبعية الإيرانية، وتخوين البقية الاخرين. وبلغت بمستوى غرس الكراهية حدا يكفي للإشارة بأصبع على أي عابر سبيل (هذا إيراني) فيتكالب جمع غفير لضربه..
ولم ينتبه أحد أن ما يحدث من تعبئة عنصرية هو تعميم لصفة التبعية، وطعن بالهوية الوطنية للشيعة، وتجريدهم من روح الانتماء للعراق، وتمهيدا لاستباحتهم من قبل قوى جديدة زائفة. فبالأمس استبيحت دماء أبنائهم في سبايكر وغيرها بمجازر بشعة بعد تعبئة مماثلة من ساحات الاعتصام بالأنبار تصفهم ب(الجيش الصفوي)، لكن الفرق أن ذلك حدث بمناطق سنية، وما سيحدث غدا سيكون بعقر ديارهم، وعلى أيدي أبناء ملتهم، ولن يجدوا نصيرا يغيثهم.
وعندما تروج نفس الجيوش الالكترونية لدعوات تغيير نظام الحكم الى رئاسي، فإن هدفا آخرا سيتجلى اكثر..إذ بعد أشهر سيصطدم السادسة الشيعة بالجمهور الشيعي المشحون كراهية وعنصرية، ولن يجدوا من أبناء ملتهم او غيرهم من ينتخب أحدا منهم، فكل سياسي شيعي أصبح اليوم متهما بالتبعية، وكل أولئك الذي فروا من بطش البعث الى إيران، ومئات آلاف العوائل التي هجرها صدام هم (ذيولها).. لهذا سيخسر الشيعة الحكم مجددا في أي انتخابات رئاسية قادمة.
الشيعة افقدهم المورفين الالكتروني لمواقع التواصل وعيهم، فلم ينتبهوا الى اعلان السفارة الأمريكية الرسمي بإنشاء جيش إلكتروني، وإلى الاعلام الاسرائيلي والخليجي، وإلى أقوى حراك تنظيمي لحزب البعث في الداخل والخارج لتأجيج الفتنة، والترويج لتبعيتهم الايرانية،، وإعادة التغني (بأمجاد) صدام، وترسيخ القناعة لدى الجمهور بأن الشيعة لا تفقه بالحكم كما السنة.
ورغم اعتقاد البعض ان دخول التيار الصدري للتظاهرات بحشوده الكبيرة، سيكفل قدرا جيدا من بقاء النفوذ السياسي الشيعي، خاصة مع نأي الحشد الشعبي بنفسه عن الساحات، لكن المخطط اكبر من كل هذه الحسابات، والواقع سيختلف قريبا، وسيجد الجميع أنفسهم في مواجهة مع أنفسهم، والكل سيحفر قبره بيده،هكذا هي الصورة لمن لا يقرأ التاريخ ولا يفهم ما يقول....
https://telegram.me/buratha