منير حجازي
بعد وفاة رسول الله (ص) تعرضت الفئة المؤمنة التي امتثلت لأمر رسول الله (ص) في البيعة والولاء لعلي (ع) والذي اطلق عليهم النبي لقب (شيعة) فعُرفوا بذلك على عهده.(1) تعرضوا لعملية ابادة وتم وصمهم بأنهم مرتدون وسلطوا عليهم خالد بن الوليد ليذبحهم ويقطع رأس زعيمهم مالك بن نويرة ، واستمر المسلسل الظالم فرفع معاوية شعاره : (من رأيتموه على دين علي فاقطعوا عطائه وامحوه من الديوان واهدموا عليه داره).(2) فحُورب وقتل عليا (ع) والحسن والحسين ورفع أعدائهم شعار (لا تُبقوا لأهل هذا البيت من باقية).
ثم اختاروا للشيعة إسما (رافضي خبيث) وهذا ما طالعنا به كبار المؤرخين وعلماء الحديث وغيرهم من أهل السنة في وصف من يتشيع ، ثم خففوا اللهجة تبعا لمتطلبات السياسة ، فأصبحوا يطلقون عليهم : شيعي مغالي ، وفيه تشيع .
ولفترة طويلة تم قتل الشيعة وبذرائع مختلفة مثل أنهم يسبون الصحابة ويطعنون في عرض امهات المؤمنين فقتلوهم تحت كل حجر ومدر، ثم وصموهم بأنهم : فرس مجوس فاخرجوهم من الاسلام واعتبروهم عبّاد النار فصدرت الفتاوى بقتلهم واباحة دمائهم واعراضهم واموالهم ، وطردوهم من اي مكان يتوجدون فيه ورفعوا شعار : (ماذا يفعل عبد الزهرة وعبد الحسين) في مدننا. وقبلها شن صنمهم الاكبر حربا اطلق عليها (القادسية).وهدم كربلاء والنجف بالصواريخ.
وكان الشيعة يُقابلون كل الاساءات والجنايات بحقهم بوصف السنة بأنهم اخوانهم لا بل انفسهم ، فبينما يُذبح الشيعة في المناطق السنية ، يعيش السنة في المناطق الشيعية افضل حالاتهم.
ولكن فجأة وبقدرة قاهرة تحول الروافض الخبثاء و الفرس المجوس والصفويين إلى : (الشيعة العرب) واخذ أعدائهم يتباكون عليهم ويُطالبون بحقوقهم ويدفعون بهم للتظاهر واسقاط النظام الشيعي واندسوا في اوساطهم لتثويرهم ، وعمد كتّابهم إلى التستر بالاسماء الشيعية مثل (الموسوي ، العلوي ، الحيدري) وهؤلاء هم انفسهم كانوا الدوري والعاني والحديثي . فماذا جرى يا ترى ؟ ولماذا يتباكى أعداء الشيعة اليوم على من كانوا يوصموهم بأنهم الفرس المجوس الشيعة الروافض ذيول إيران.
بداية اقول أن الذي ذبح الشيعة واستأصل شأفتهم في كثير من البلاد ليست إيران . لأن إيران شيعية بالاساس فلماذا تضطهد الشيعة ، ولكننا نتسائل من الذي اضطهدهم في السعودية وقتلهم وهدم مناطقهم في الحسا والقطيف . ومن الذي شن الحرب عليهم في اليمن وقتل اطفالهم وحاصرهم وجعل الامراض تفتك بهم . ومن الذي يذبحهم في البحرين ويُسقط الجنسية عنهم.ومن يقتلهم في وافغانستان ومن الذي يُفجر مساجدهم في باكستان . وفي مصر حيث لا تزال جريمة حسن شحاتة المروّعة ماثلة للعيان.
ومن الذي أجرى دمائهم في تونس والمغرب واصدروا اكثر من الف فتوى بقتلهم وتحريم حتى الدعاء لهم بالنصر كما فعلوا مع حزب الله الذي قارع الصهاينة. ثم لاحقوهم إلى قعر قارة افريقيا فقتلوهم في نيجيريا ولا يزال الشيخ الزكزاكي مسجونا بعد ان قتلوا سبعة من أولاده واجروا دماء الشيعة في الشوارع. فمن الذي فعل ذلك ؟
واليوم يتباكون على (الشيعة العرب). يا لها من كذبة نتنة تقبع ورائها غايات خبيثة مفادها ، أولا : دفع شيعة الأهواز العرب إلى القيام ضد الحكومة كما فعلوا بدفع الشيعة في العراق إلى ان يذبحوا بعضهم البعض، وان يُحرضوهم على اسقاط حكم الأغلبية الشيعية مصدر قوة الشيعة في العراق لإضعافهم ومن ثم الانفراد بهم. فإذا كانوا صادقين في بكائهم على الشيعة العرب ، لماذا لم يسمحوا لشيعة البحرين والسعودية ان ينالوا حقوقهم ولو بالتظاهر؟
ولكن الغريب أن شيعة العراق فقط هم من انخدع بشعار (الشيعة العرب). وتأثروا بما يبثهُ أعدائهم من سموم عبر وسائل التواصل الإجتماعي. فتحول هذا البغض من إسرائيلي إسلامي إلى إسلامي إسلامي ومن ثم شيعي شيعي. فهل العقلية الشيعية ساذجة إلى هذا الحد، هل لتأثير السنين الطويلة في خضوع الشيعة لحكامهم تأثير في ذلك هل عشق الشيعة نصل سكين ذبّاحهم وتعلموا ان يكونوا تابعين غير متبوعين؟
يا أيها المذبوحون من القفا المباح دمائهم واموالهم واعراضهم والمسلوبه حقوقهم وحقوق ائمتهم على طول التاريخ، افيقوا قبل فوات الأوان.
(يا قومِ لكمُ الملكُ اليوم ظاهرين في الأرض، فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا... يا قوم أني اخاف عليكم مثل يوم الأحزاب.... يا قوم إني أخافُ عليكم يوم التناد يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم).
المصادر :
1- احصى علماء الشيعة اكثر من عشرين مصدر من اهل السنة قالوا بأن إسم الشيعة اطلقه رسول الله (ص) عليهم وان بعض الصحابة كانوا يُعرفون بأنهم شيعة . انظر : الصواعق المحرقة لابن حجر ص 96 ؛ شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني ج 2 ، ص 356 – 66 ح 1125 – 1148؛ ؛ المناقب للخوارزمي ص 62 و 187؛ ؛ ينابيع المودة ـ قندوزي الحنفي ـ ص 62؛ الدرالمنثورـ سيوطي ـ ج 6 ، ص 379؛ تفسير الطبري ج 3 ، ص 146؛ تذكرة الخواص لابن الجوزي ص 18؛ فتح القدير للشوكاني ج 5 ، ص 477. تاريخ مدينة دمشق ج42، ص 332.يقول ابن خلدون (أنّ جماعة من الصحابة كانوا يتشيعون لعلي). تاريخ ابن خلدون، ج 3، ص 171.
2- جمهرة رسائل العرب في عصور العربية الزاهرة 1-4 ج2، ص : 61.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)